زياد أبو رجائي
لعله من نافلة القول : ذكر الأصل في سلسلة ترتيب عناصر الجملة الفعلية المنطقي كما قررته لغة العرب وهي : الفعل أولا ثم الفاعل ثم المفعول به ، هذا هو الأصل في التركيب . إلا أنه أحيانا يحدث تمردا لبعض هذه العناصر على ذاك الترتيب، أو تظهر انانية محببة! لهذه العناصر في اجتذاب الاهتمام لها.
والأكثر ثبوتاً في هذا الترتيب والذي يحمل على عاتقه بنائية الجملة هو :«الفعل»؛ فالمتمردان هما «الفاعل» و «المفعول به» ، فإن كان تحرك الفاعل إزاحة واحدة باتجاه اليمين أمام الفعل(انظر هنا) فإن المفعول به تكون إزاحته أكثر؛ فتارة يتحرك امام الفاعل ويكتفي وتارة اخرى تجده تمرد على فاعله وفعله وقبع في مقدمة الجملة.(انظر هنا).
وحقيق ان نذكر -أيضا- أن الوجه البلاغي للتقديم مركوز في ابراز الاهتمام بالمقدم على سائر العناصر في الجملة واظهارها في السياق لتوجيه ذهن المتلقى وتقعيد ذلك حول هذا المقدم لتثبيته وتمكينه لديه.(انظر هنا).
نتكلم هنا عن ازاحة العناصر جوازا، وهذا كما أسلفنا للتعبير عن مدى الاهتمام بما قدم بخلاف ما يتم تقديمه وجوباً اذ لا يتم استقامة المعنى إلا به. لذا فإنه من السهل بمكان اعتبار الموضع في ظهور العنصر داخل الجملة متكأً لحديثنا هذا. وعليه فإن وجوب تقديم الفاعل على المفعول به هو بمثابة الحجز وربط العناصر بمكانها - لأن تقديم الفاعل على المفعول به هو الصورة الطبيعية لهذا الترتيب - وهي بهذه المواضع :
اذا كان الفاعل ضميرا متصلا بالفعل
إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ (يوسف:4)
اذا كان الفاعل والمفعول به ضمائر متصلة
وَجَدْتـــــُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ (النمل:24)
عند عدم وجود قرينة ذات دلالة على كل من الفاعل والمفعول به حسما لاي لبس قد يقع في ذلك لتشابهما في نهاية حرفهما ويتعذر وضع حركة كل منهما لتبيانهما وعادة ما تكون في الالف المقصورة.
سقى موسى يحيى
أما عند وجود قرينة تدل على كل منهما فإنه يجوز التقديم لاظهار الاهتمام
قرينة معنوية : دخل موسى المستشفى ، ويجوز دخل المستشفى موسى.
قرينة لفظية : إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ (فاطر:28).
ومحور حديثنا الآن عن حركة المفعول به داخل الجملة ، وهي ذات تذوق بليغ للنص الادبي لان المفعول به متمم للفاعل ليحسن فهمه.
إن حركة المفعول به امام الفاعل او الفعل تندرج تحت أحكام خاصة استقرأها علماء العربية نذكر منها :
حركة المفعول به وجوبيا :
أولا : أمام الفاعل
اذا كان المفعول به ضميرا متصلا :
اتصال الفاعل بضمير يعود على المفعول به : وهذه الاسلوب يسمى طريقة الاشتغال (انظر هنا)
المفعول به ضمير متصل نحو : قابلك المديرُ
ثانيا : أمام الفعل
اذا كان المفعول به ضمير نصب منفصلا يفيد معنى الحصر
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (الفاتحة:5)
وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (الضحى:10)
أما : أداة شرط لها الصدارة فلاحظ ترتيب العناصر :
المفعول به : السائل » مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
الفعل : تنهر » فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون
الفاعل : ضمير مستتر تقديره أنت.
هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (لقمان:11)
ماذا : اسم استفهام ، فلاحظ ترتيب العناصر :
المفعول به : ماذا » اسم استفهام في محل نصب مفعول مقدم لخلق
الفعل : خلق » فعل ماضي
فاعل : الذين » اسم موصول (انظر هنا )
(1) جميع الكلمات التي تستعمل في الاستفهام أسماء ما عدا «هل و الهمزة» فهما حرفان.
(2) انظر هنا