انفرد السادة الحنابلة بتحريم الاخذ من الشعر وتقليم الاظافر عملا بحديث ام سلمة رضي الله عنها في المعتمد في مذهبهم بخلاف راي الجمهور من السادة المالكية والشافعية والاحناف بالجواز والاباحة ولا يلحقه اثم فاعتبروا الحكم كراهة تنزيهية ولا بأس بفعله كما دلت كتب الفقه المعتمد في كل مذهب لحديث عائشة رضي الله عنها وعن ابيها كما سياتي لاحقا..
والمسألة اجتهادية ظنية يغلب عليها طابع السعة والتوسيع في الامر دون التضييق وللمسلم ان يأخذ بقول من شاء منهم دون النكير او تبديع لمن اخذ بالقول الاخر.وهو مكروه وليس بحرام ولا يأثم من يخذ من شعره ويقلم أظافره وهو قول الجمهور..
والاحسن والاسلم ان يلتزم المسلم بهذا الشان بفتوى دائرة الافتاء كل في بلده للخروج من هذا الخلاف والظهور بمنظر الائتلاف والتوافق وجمع كلمة الامة فالخلاف شر!!
اراء المذاهب الاربعة
___________
حلق الشعر وتقليم الاظافر لمن اراد التضحية
(1) الاحناف : الاباحة والجواز ولا بأس فيه ...قال الطحاوي - وهو قول الإمام أبي حنيفة وصاحبيه.. والاباحة على التخيير بين الاخذ والترك
قول اخر للاحناف غير المعتمد في المذهب:
يستحب عدم الأخذ, ومن فعل ذلك وأخذ من شعره أو ظفره: فلا بأس عليه, ولا يكره, لكنه خلاف الأَوْلى
(2) المالكية يكره له ذلك كراهة تنزيه وليس بحرام (الذخيرة 4/,141). وفي قول آخر: يباح ذلك وهو رواية عن مالك (شرح معاني الآثار 2/182).
(3) الشافعية: مَنْ أَرَادَ التَّضْحِيَةَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَشَرُ ذِي الْحِجَّةِ، كُرِهَ أَنْ يَحْلِقَ شَعْرَهُ أَوْ يُقَلِّمَ ظُفْرَهُ حَتَّى يُضَحِّيَ..(النووي - الروضة 3/210)
(4) الحنابلة : يحرم وياثم فاعله : لحديث ام سلمة (إذا دخل العشر وعنده أضحية يريد أن يضحي: فلا يأخذنَّ شعراً, ولا يقلمنَّ ظفراً)
.
الخلاصة :
______
قول الجمهور(المالكية والشافعية الاحناف) يجوز فعل ذلك بدون اثم لانه مكروه كراهة تنزيهية
- حديث عائشة:
كان رسول الله يُهدي من المدينة, فأفتل قلائدَ هديه, ثم لا يجتنب شيئاً مما يجتنبه المُحْرِم
- حديث ام سلمة:إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي, فلا يمسَّ من شعره,
وبَشَره شيئاً
_________________
(1) حديث عائشة متواتر بخلاف حديث ام سلمة هو حديث آحاد والمتواتر في اعلى درجات الصحة
قال الطحاوي أن مجيء حديث عائشة رضي الله عنها أحسنُ من مجيء حديث أم سلمة رضي الله عنها, لأنه قد جاء متواتراً وحديث أم سلمة رضي الله عنها فلم يجئ كذلك,
لم يروه عنها غير سعيد بن المسيب، وهو إمام حافظ. أما حديث عائشة؛ فقد رواه عنها في الصحيحين فقط ستة رواة، بعضهم أكثر ملازمة لعائشة بكثيرٍ من ملازمة سعيد بن المسيّب لأم سلمة. وقال د.المحدث عذاب الحمش: اتّفاق البخاريّ ومسلم على حديث في أكثر رواياته وطرقه؛ أقوى بكثير من حديث انفرد بتخريجه مسلم عن رجلين ليسا من ممارسي حديث ابن المسيّب، وليسا من العلماء المشهورين أيضاً!
لم يروه عنها غير سعيد بن المسيب، وهو إمام حافظ. أما حديث عائشة؛ فقد رواه عنها في الصحيحين فقط ستة رواة، بعضهم أكثر ملازمة لعائشة بكثيرٍ من ملازمة سعيد بن المسيّب لأم سلمة. وقال د.المحدث عذاب الحمش: اتّفاق البخاريّ ومسلم على حديث في أكثر رواياته وطرقه؛ أقوى بكثير من حديث انفرد بتخريجه مسلم عن رجلين ليسا من ممارسي حديث ابن المسيّب، وليسا من العلماء المشهورين أيضاً!
(2)حديث ام سلمة اختلف في اسناده فمنهم قال موقوفا عليها ولا يرفع للرسول ( فجعل الحديثَ من كلامها لا من كلام النبي ﷺ) فقد اختلف الرواة في رفعه ووقفه فقد مال إلى تضعيفه أحد كبار نقاد الحديث , ألا وهو الإمام الدارقطني
وقال الطحاوي:بل قد طُعن في إسناده, فقيل: إنه موقوف على أم سلمة رضي الله عنها كما في كتابه شرح معاني الاثار
(3) حديث عائشة يتحدث عن حال النبي في اواخر عهده في اخر السنة التاسعة وهي اكثر زوجات الرسول معرفة باحواله في اخر حياته صلى الله عليه وسلم فلا يمنع ان يكون نسخ حديث النهي لام سلمة
(4) قال الشافعي البعث بالهدي أكثر من إرادة التضحية, فدلَّ على أنه لا يحرم ذلك. اهـ,
وهكذا فلما أهدى رسول الله إلى الحرم هدياً, ولم يحرِّم على نفسه شيئاً: كان غيره أولى إذا ضحى في غير الحرم (قاله الشافعي)
فالصارف في حديث أم سلمة هو كون الحكمة في طلبه هو مجرد إرادة المغفرة.
لذلك قال الامام الشافعي ان الامر في حديث ام سلمة هو [امر اختيار]
(5) قولها أنه من آخر هدي بَعَثَ:قال الباجي:لأن النبي حجَّ في العام الذي يلي هذه العام: حجة الوداع, لئلا يظن ظان أن هذا كان في أول الأمر, ثم نُسِخ.
(6)روى مسلم في صحيحه عن سعيد بن المسيب, أنه حين سأله سائل عن أخذ الشعر في عشر ذي الحجة, وذكر له حديث أم سلمة في النهي عن ذلك لمن أراد أن يضحي قال له: يا ابن أخي: هذا حديث قد نُسي وتُرك
(7) قال الليث بن سعد حين ذُكر له حديث أم سلمة قال: قد رُوي هذا, والناس على غيره!!
(8)رواه الإمام مالك عن سعيد بن المسيَّب راوي حديث أم سلمة رضي الله عنها قال: لا بأس بالإطلاء بالنُّوْرة (طلي الجسم بمادة لازالة الشعر) في عشر ذي الحجة. فتَرْك سعيدٍ لاستعمال هذا الحديث, .. دليلٌ على أنه عنده غير ثابت, أو منسوخ
(9) قال عِكْرمة مولى ابن عباس لما ذُكر له حديث أم سلمة رضي الله عنها في النهي عن أخذ الشعر والظفر فقال: (ألا يعتزل النساء والطيب.)يريد الاعتراض عليه وردَّه. وهذا هو القياس فالاستدلال بالقياس فمن دخل عليه ايام ذي الحجة لم يمنع من الجماع وهو اغلظ ما يحرم بالاحرام فكان احرى الا يمنع مما هو اقل كحلق الشعر وتقليم الاظافر
قال الإمام ابن عبد البر :وقد أجمع العلماء على أن الجماع مباح في أيام العشر
لمن أراد أن يضحي, فما دونه أحرى أن يكون مباحاً
(10) قال الامام الخطابي في القياس استدلال :وأجمعوا أنه لا يحرم عليه اللباس والطيب فدلَّ ذلك أنه على سبيل الندب والاستحباب
وليس التحريم..
(11) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي قال: (أُمرت بيوم الأضحى: عيدٌ جعله الله عزَّ وجل لهذه الأمة). قال الرجل: أرأيتَ إن لم أجد إلا مَنِيْحَة ابني ـ (منيحة أنثى) ـ أفأضحي بها؟ قال: (لا, ولكن تأخذ من شعرك, وأظافرك, وتقصُّ شاربك, وتحلق عانتك, فتلك تمام أضحيتك عند الله عز وجل)
(12) حديث عاشة عام وحديث ام سلمة خاص والقاعدة تنزيل الخاص على العام
الجواب:يجب ان يكون العام المتَّفق عليه بالقبول, مقدَّم على الخاص المختلَف في قبوله!! فضلا ان القاعدة مسألة اجتهادية ظنية!!
(13)حديث ام سلمة صريح في النهي بينما حديث عائشة اخبار عن ما فهمته من عمل الرسول ولم تخبر انه لا يحرم على احدكم ...
الجواب : ان حديث ام سلمة موقوف عليها فلا يمنع ان يكون اخبارها عن رايها في هذه المسألة لذلك تتساوى الاخبار في الحديثين ولا مزية هنا لحديث على حديث
(14) حديث عائشة يخبر عن فعله اما حديث ام سلمه يخبر عن قوله والقول مقدم على الفعل
الجواب هذه القاعدة خلافية فمن العلماء من يقدم الفعل على القول وهي مسألة اجتهادية ظنية
(15) حديث عائشة يخبر عمن يريد ارسال هديه الى مكة وهو مقيم في المدينة بينما حديث ام سلمة لمن يريد ان يضحي في موطنه و يخبر عن جواز ارسال الهدي
الجواب:
ثبت عن رسول الله انه لأنه لم يترك التضحية أصلاً, فلا يمنع انه ضحى وارسل هديه الى مكة بمعنى انه لم يجتنب شيئاً, على ما في حديث عائشة, فدلَّ على أن إرادة التضحية لا تحرِّم ذلك.
(16) قالوا: ان النبي لم يكن ليفعل ما نهى عنه لذلك حملوا حديث عائشة على غير محل النزاع
الجواب:
إن سعيد بن المسيب هو أعرف بمعنى حديث رسول الله, ولم يكن التابعون ليتركوا شيئاً صحَّ عن رسول الله ويقدموا اراءهم على حديث صحيح لولا انه رؤوا انه منسوخ او فهموا من الامر ليس للوجوب كما قال الامام الشافعي للاختيار
(17) روي عن سعيد بن المسيب رحمه الله روايتان بالنهي عن اخذ الشعر وتقليم الاظافر وبالاباحة ...
الجواب: اما ان تتساقط الروايتان لتعارضهما...او ننظر الى تعليل الامام سعيد بن المسيب وهو راوي حديث ام سلمة بقوله بعد ان رواه: بانه خاص بالاطلاء بالنورة
وان قالوا ان الاطلاء بمادة النورة لنزع الشعر انما يكون للجسم دون شعر الراس
الجواب:
يرد هذا بان الرواية عنه تقول (فلا يمس من شعره وبشره) وهذا يعم جميع شعر البدن كله بما فيه الراس
(18) وقد دلَّ استقراء أحكام الشريعة واطّرادُ أصولها : أنه لا يمكن أن تستحبَّ الشريعةُ شيئًا , ثم هي مع استحبابها له تُوجب له أمرًا ليس هذا الأمرُ من شروط ذلك المستحب ولا جزءًا من أجزائه الواجبة ؛ حيث إن هذا لو وقع لكان تناقضًا لا يقبله ترتيبُ الأحكام الشرعية بعضها على بعض ؛ إذ كيف يكون الأصل مستحبًّا وفَرْعُه (الذي ليس من شروطه ولا من واجباته) واجبًا؟! . لذلك احتمال ان يبقى حديث ام سلمى يُحمل على الكراهة كما قال د. الشريف حاتم العوني: بل لو لم يأت أيُّ حديثٍ يعارض حديث أم سلمة , ما كان حديثها عندي ليدلّ على تحريم الأخذ من الشعر والظفر ! وسيبقى عندي دالاًّ على الكراهة فقط !!
والله أجلّ وأعلم وصلى الله على سيدنا محمد واله وصحبه اجمعين
عمان
زياد بشير حبوب ابو رجائي