النهي عن المنكر ...
عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم
اذا تيقن المسلم انه لا جدوى من انكاره لعموم البلوى في مسألة ما .. يسقط عنه وجوب هذه الفريضة.. وهذا ما عليه:
جاء في سنن أبي داود وابن ماجه والترمذي، عن أبي ثعلبة الخشني، أنه قيل له: كيف تقول في هذه الآية: (عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم)؟ قال: قد سألت عنها خبيراً، أما والله لقد سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (بل ائتمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحا مطاعاً، وهوى متبعاً، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك ودع عنك أمر العامة).
ذهب إلى أنه يكون في سعة من ترك الأمر والنهي، لعدم جدواه في هذه الحالة، وإن كان يستحب تذكيراً بالدين وإظهاراً لشرائع الإسلام. وهو قول ابن عمر وابن مسعود وكثير من الصحابة، وقول جماعة من العلماء؛ منهم الأوزاعي، والغزالي، وابن العربي، والعز بن عبدالسلام. وهو أحد الروايتين عن أحمد رحمه الله. تفسير الطبري (7/ 61-63)
قال سلطان العلماء العز بن عبدالسلام في قواعد الأحكام (1/ 128):
"فإن علم الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن أمره ونهيه لا يجديان ولا يفيدان شيئاً، أو غلب على ظنه، سقط الوجوب لأنه وسيلة"
وقال الامام الغزالي في الإحياء (2/ 315): "واعلم أنه لا يقف سقوط الوجوب على العجز الحسي، بل يلتحق به ما يخاف عليه مكروهاً يناله، فذلك في معنى العجز. وكذلك إذا لم يخف مكروهاً، ولكن علم أن إنكاره لا ينفع"
و
قال الشيخ ابن تيمية في مجموع فتاواه (14/ 479-480): "فإذا قوى أهل الفجور، حتى لا يبقى لهم إصغاء إلى البر، بل يؤذون الناهي لغلبة الشح والهوى والعجب، سقط التغيير باللسان في هذه الحال وبقي القلب"
قال أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن (2/ 319): حول اية :
{وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164)الاعراف}
"وهذا عندنا على أنهم كانوا راضين بأعمالهم غير منكرين لها بقلوبهم