مما انشغل به القوم هذه الايام وانكبوا على الحكم على الاحاديث بالتصحيح والتضعيف ظنا منهم انهم يخدمون السنة . ارى ان ذلك قد زاد في شرخ الامة وهو حال لا نسلم لهم به امام الحفاظ الكبار الذي ساقوا رأيهم بالاحاديث قبل ان يأتوا هؤلاء بقواعد بنوها بمعول هدم المذاهب وما احتج به فقهاء كل مذهب فيما ذهبوا اليه مستندا لصحة الفقه الذي استنبطوه من الاحاديث حكما لا يقبل الطعن اصلا....
ومن بين ما حاولوا تشكيك الامة فيما احتج به الفقهاء كتابا الموطأ للامام مالك وسنن ابن ماجه رضي الله عنهما ... وعليهما أدندن..
فقد ذكر لي احد المتعصبة لمذهب اهل الحديث في انتهاك حرمة الكتب الستة المتفق على اجلالها وصحتها وامامتها لاهل السنة والجماعة ان الموطأ فيه احاديث ضعيفة وكذلك سنن ابن ماجه ، فاحببت ان ابين له في هذه المقالة القصيرة ان احكامهم لا تلزمنا ابدا بل ان احكامهم قابلها احكام من قبل علماء من رتبة حفاظ ! واظن انكم تعرفون ماذا تعني رتبة حافظ في علم الحديث .. ويكفينا ذلك الحكم لنرد كل من قام بتضعيف احاديث في الموطأ او في سنن ابن ماجه على سبيل المثال لا الحصر
واريد تسليط الضوء هنا على اضطراب اهل الحديث في الحكم على الاحاديث يشير بوضوح ان علم الجرح والتعديل القائم بين اظهرنا منذ زمن ما هو الا انتهاك فاضح وراي شاطح وتغول على الامة بما لا ينبغي لهم ... فكثير ما تجد ان بعضهم قال ان هذا حديث ضعيف في نفس الوقت تجد من قال انه صحيح ويعول عليه بل يحتج به...!!
هذا الاضطراب جعل الشك يساورني بان ما يقوم به البعض لا يمكن ان نقبل به بل لا اراه الا تعطيل لاحاديث جرت عليها الامة قبولا ورضا وما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن كما قال سيدنا ابن مسعود رضي الله عنه وعن جميع الصحابة الكرام
* كتاب الموطأ للامام مالك
قال ابن حجر: لم يرو - أي الإمام مالك - فيه إلا الصحيح عنده وهذا يعني ان مالك قد صحح الاحاديث التي انتقاها وهذبها من بين الاف مما عرض عليه فاستقر على هذه الاحاديث التي وصلت الينا
عدّ بعض الحفاظ موطأ مالك في درجة الصحيحين، بل منهم من قدمه على الصحيحين، كالإمام ابن عبد البر والإمام أبو بكر بن العربي المتوفى
قال الحافظ الإمام السيوطى رحمه الله فى كتابه تنوير الحوالك شرح موطأ: وما من مرسل في الموطأ إلا وله عاضد أو عواضد كما سأبين ذلك في هذا الشرح، فالصواب إطلاق أن الموطأ صحيح لا يستثنى منه شئ
* كتاب سنن ابن ماجة
- يكفيه فخرا ما نقله ابن ماجه نفسه عن شهادة الحافظ الامام الرازي المشهور بابي زرعة عندما عرض عليه كتابه هذا قال : (أظن إن وقع هذا في أيدي الناس تعطلت هذه الجوامع أو أكثرها) وهي كناية صريحة لا مجال فيها ان منزلة سنن ابن ماجة عنده كبيرة فان حكم الحافظ ابي زرعة يرفع من شأن سنن ابن ماجة امام كتب الحديث الاخرى والموازنة التي عقدها توشي بذلك بدلالة واشحة لا شك فيها كصحيحي البخاري ومسلم وسنن الترمذي وابي داوود ..بل ان العبارة المستخدة في الوصف تشير بتقديمه عليهم من حيث صحة الاحاديث التي استثنى منها ثلاثين حديثا ..!! فتأمل ... قال الحافظ ابن طاهر المقدسي : وحسبك من كتاب يعرض على أبي زرعة الرازي، ويذكر هذا الكلام بعد إمعان النظر والنقد !! .. اما الثلاثين حديثا او اقل فقد ذكرها ابن الجوزي في الموضوعات والسيطي في كتابه (القول الحسن في الذب عن السنن)...
- والشهادات التي رويت لنا عن الحافظ ابي زرعه في حكمه على سنن ابن ماجة جاءت متباينة كما يلي:
- قال ابن ماجة عن ابي زرعة انه حكم على ثلاثين حديث فيها بالضعف أو قال: عشرين ونحوها كما رواه ابن عساكر
- نقل الرافعي عن ابي زرعه انه قدح في ثلاثة احاديث فقط
- نقل ابن طاهر المقدسي عن ابي زرعه انه قدح ببضعة عشر حديثا وقيده ابن عساكر في تاريخه بتسعة عشر
- المزي يقول: كل ما انفرد به ابن ماجة فهو ضعيف يعني ما يقارب 1339 حديثا زائدا عما في باقي الكتب الحديثية الاخرى وبالمقابل نجد عكس ما حكم المزي :-
- لم يقره الحافظ ابن حجر يقول فيما كتبه بخطه على حاشية الكتاب: مراده - أي المزي - من الرجال لا من الأحاديث فإن في أفراده صحاحا
- ولم يقره الحافظ البوصيري في (مصباح الزجاجة) ، ومن هذه الزوائد (428) أربعمائة وثمانية وعشرون حديثا رجالها ثقات صحيحة الإسناد، ومنها (199) تسعة وتسعون ومائة حديث؛ حسنة الإسناد
- ولم يقره الحافظ ابو زرعه كما نقل ابن ماجه نفسه في المقدمة انه عرض السنن على ابي زرعه فقال :(لعل لا يكون فيه تمام ثلاثين حديثا مما في إسناده ضعف)
- قال صديق حسن خان عند كلامه عن سنن ابن ماجة: ... وقد شهد أبو زرعة على صحته. وظاهر كلامه انه يقول بذلك
- قال محمد القزويني الرافعي المتوفى سنة في ترجمة ابن ماجة : عرض كتاب السنن لابن ماجة على أبي زرعة الرازي فاستحسنه وقال: لم يخطئ إلا في ثلاثة أحاديث. ربما يقصد الاحاديث المتفق على ضعفها في عرف اهل الحديث من بين الاحاديث الثلاثين التي قال انها ضعيفة كما نقل ابن ماجة