السؤال : ماذا تعني آية { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ... } وهل تفيد عدم الاحداث في الشرع ؟ والاستدلال بها على عدم وجود بدعة حسنة ؟
الجواب : الآية الكريمة لا تفيد هذا الا بحصرها بالاصول لا الفروع التي تتجدد بفعل النوازل في المكان والزمان والا كيف يصح القول ان الاسلام يصلح لكل زمان ومكان بل يصلح الزمان والمكان....
(1) . فشرعنا لا شك ان اكتمل واتمّه الله صدقا وعدلا فلا نقص فيه ولا يستدرك على الله فيه شيء.. والشاهد لذلك ان هناك آيات احكام... نزلت بعد هذه الاية كما في الصحيحين !! فالدليل على خلاف ذلك ... لأنها لم تزل تنزل إلى أن قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم والفترة بين الاية وموته ثمانين يوما...
والقياس لا يدخل حتما في الاستدراك وانما اتفق المسلمون عليه عند غياب نص يحسم المسألة... ولو اوقفنا القياس لهدمنا الشرع كاملا
(2) . والقياس يجري وفق قواعد كما اتفق عليها علماء اصول الفقه وليست على عواهنها !! كما يظن ادعياء فقه الدليل..... وإلا فقل لي كيف تعدت الاصناف الربوية عن الستة اصناف التي وردت في النهي وشملت اصناف كثيرة !؟ اعتمدوا فيها على العلة سواء الوزن او الثمن ...
1. الاحناف والمشهور عند الحنابلة : الوزن
2. الشافعية وقول للمالكية : غلبة الثمن وعلى هذا فالعلة قاصرة على الذهب والفضة بلا قياس للمعادن الاخرى كالفلوس المعدنية من نحاس او حديد.....
3. المالكية وقول للحنابلة : مطلق الثمن وعليه فإن العلة متعدية إلى غيرهما كالفلوس, والأوراق النقدية.....
(3) . ومن الايات التي تزلت بعدها :
1 - عن البَرَاء رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : " آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بَرَاءَةَ ، وَآخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ : ( يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الكَلاَلَةِ ) متفق عليه
الشاهد من الاية أن بعض أحكام المواريث كان من آخر ما نزل من القرآن ، وهو آخر ما نزل في قول البراء رضي الله عنه .
2 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : " آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَةُ الرِّبَا " . رواه البخاري
(4) . واذا نظرت الى ما قاله المفسرون حول هذه الاية :
1. قال سعيد بن المسيب وقتادة :الاكمال هو : نفي المشركين عن البيت ، فلم يحج معهم مشرك عامئذ
2. قال الشعبي : كمال الدين هاهنا : عزه وظهوره ، وذل الشرك ودروسه ، فيكون المعنى : اليوم أكملت لكم نصر دينكم.
3. قال الطبري : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، أن يقال : إن الله عز وجل أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به ، .. بإفرادهم بالبلدَ الحرام وإجلائه عنه المشركين ، حتى حجَّه المسلمون دونهم لا يخالطهم المشركون .
4. وظاهر اختيار الحافظ ابن حجر العسقلاني : أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِكْمَالِ مَا يَتَعَلَّقُ بِأُصُولِ الْأَرْكَانِ لَا مَا يَتَفَرَّعُ عَنْهَا..
(5) . اذن ما يقاس على اصل شرعي ثابت صحيح لاشتراك في المعنى او اتحاد بالعلة من المسائل لا شأن في الاكمال الشرعي فان الفروع تبنى على اصول ولا اتِّهام لهذا الدِّين بالنَّقص... او استدراك على الله او اتهام سيدنا رسول الله بخيانة الرسالة بانه قصر في ابلاغها والعياذ بالله....