بسم الله الرحمن الرحيم
وبه استعين
والحمد لله رب العالمين
لا احصي ثناء عليه هو كما اثنى على نقسه
واصلي واسلم وابارك على سيدي رسول الله المعلم الاول والهادي الى الصراط المستقيم وعلى اله الطبيبن الطاهرين واصحابه الغر الميامبن رضي الله عنهم اجمعين وعنا بهم الى يوم الدين
ايها الاخوة الاحبة
اعلموا انه من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين
فالفقه سبب لهذا الخير العميم من الله
قال تعالى وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيرا
قال الامام مالك : الفقه في الدين
واعلموا أن (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ)
(وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ)
هذِهِ المدونة، نهجتُ فيْهَا سبيْلَ الإيْجَاز والإختصَار، ,غايَتي مِن ذلِك توصيل المعلومة للمسلم باقصر الطرق
وألحقتُ بذلك الادلة
والشواهد من الكتاب والسنة المطهرة، وأثر الصحابة رضوان الله عليهم، وذكرتُ ائمة وفقهاء المذاهب الاربعة في منهج الاستدلال لديهم
ا وركزت على مواضع الخلاف بين المذاهب الاربعة وحرصت على منهجيه فيها اظهار الاجماع ....
سائلاً اللهَ عزَّوجل الإعَانَة ، واللطف في الأمر كلِّهِ ، وأنْ يَجعلَ مَا اكتبُهُ خالصَاً لوجههِ الكريْم
....وان يختم لي بالصالحات وحسن المآب معافاً في ديني وسالما في معتقدي
اللهم امين
الشيخ د. زياد حبوب أبو رجائي

تهنئة النصارى -المسيحيين- يأعيادهم


د. زياد حبوب أبو رجائي
حتى نحرر المسألة جيدا يجب علينا :

(1)    التفريق بين التهنئة بالقول والمشاركة  بالعيد ( النطق و الفعل )

(2)    العيد لدى الاغلبية من النصارى هو احتفال اجتماعي لا علاقة له بالدين حال كل العلمانيين من شتى الديانات

(3)    الحكم يجب ان يكون ناشيء عن نص شرعي ثابت بدء وانتهاء من اصل الاصول في الشريعة الاسلامية وهو القران الكريم

(4)    اي تأويل او تفسير خارج عن  صحيح و صريح القرآن يرد ولا كرامة لقول عالم او فقيه على مبدأ كل يؤخذ منه ويرد الا رسول الله صلى الله عليه وسلم

(5)    كل الاراء والفتاوى للمتقدمين والمتأخرين المانعين هي اجتهادات خارج النص القرآني وليس داخل النص فالمسألة فيها خلاف اجتهادي مبني على فهم العلماء ويتعلق جل اجتهادهم بالمكان والزمان.


أولا : بخصوص القول (النطق) والمشاركة  ( الفعل )

(1) هناك فرق واضح وجلي بين القول والفعل وهو ركني الايمان عند اهل السنة والجماعة فكما نقول ان الايمان بالقول وحده لا يكفي ويجب ان يلحقه  على التوازي وليس التوالي! العمل وبغيره يعتبر المسلم مرجئا اذا اعتقد بالقول وحده .. والعكس صحيح بالنسبة للكفر .. القول وحده لا يكفي لتكفير المسلم الا اذا اعقبه فعلا يوازي القول كالصلاة معهم او السجود للصليب او موافقتهم على اي من معتقداتهم ...

لذلك القاعدة هذه تقضي الاقرار .. والاقرار لا يتم الا بالفعل وليس بالقول .. لذلك لا يلزم الاقرار في القول!!


كل الفتاوى للمتقدمين والمقلدين المتأخرين مدارها على الاقرار .. لذلك تسقط هذه الدعوى امام كونه  ليس شرطا الالزام  للاقرار بالقول !!

وعلى رأيكم لو ان الاقرار من لوازم القول فان المرجئة هم كاملو الايمان (!!!) .. وهذا بعيد كل البعد عن ايات القرآن وصحيح السنة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم.


(2) سيظهر من جراء هذا ان هناك تلازما بين الجوهر والمظهر .. وهذا ما لا تقوله اهل السنة بمعنى لا يوجد ادنى علاقة بين القول والاستحلال القلبي !

اذا وافقت على هذا فكأنك تقول انه يكفي النطق بالشهادة حتى نعتبر الايمان كاملا وان تغيّب عن ذلك الاعمال بالجوارح من اعمال صالحة وعلى راسها الصلاة .. فهل ترضى ان تعتبر الايمان كاملا لمن لا يصلي او لم يعمل عمل صالح قط ؟؟!

لذلك لا بد من التفريق بين القول الصادر عن اللسان والفعل الصادر عن القلب ( استحلال ) او الفعل الصادر عن البدن( المشاركة بالعيد وموافقة على المعتقدات)


ثانيا : بخصوص هل هذا احتفال اجتماعي ؟
كما ترى  فان القول لهم بالتهنئة بالعيد وخصوصا راس السنة الميلاديةة تحول الى احتفال عالمي اجتماعي لا يخص طائفة او دين .. والشاهد ان كثيرا من المسلمين يهنئون بعضا بهذا ، فماذا سيكون الحكم لمن يقوم بذلك منهم ؟!

وهناك من يقوم بالتهنئة الى هندوسي او شيوعي ملحد فهل وافق الاثنان على معتقدات النصارى
لا شك ان هذا من باب الاحتفال الاجتماعي العالمي !!

ثالثا : بخصوص أن الحكم يجب ان ينشأ عن نص شرعي ثابت لا لبس فيه

اما الايات العامة  التي تتحدث عن الاخلاق والتعامل مع اهل الكتاب تسقط كل دعاوي المنع وهذه الايات يجب ان تبقى على اطلاقها لانه لا يوجد اي صارف او قرينة اخرى تصرفها عن ذلك وهي:
قال الله تعالى : (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)

كيف لنا ان نقرر انها عامة ام لا ...؟

من استعمال اداة "انما" وهي اداة حصر على ارجح الاقوال  وهي تتعلق بصورة بلاغية لا تفارق التوكيد وربما المبالغة كما قال النحويون .. وفي لسان العرب استعمل ادة حصر اي انك استثنيت من الحكم العام  حكما خاصا  فالكلام دالاًّ على حصر الحكم بموضوع معيَّن وباختصار : انتفاء ذاك الحكم
وهو-هنا : المقاتلون  قال تعالى : الذين يقاتلوكم ...

فاذا تقرر ذلك لديك فإنه من الفرض عليك ان تتبع نص قراني ثابت وصحيح وصريح على ان تتبع اجتهادات من اقوال العلماء !


وهنا يجدر القول اننا لا ننقص العلماء حقهم او اسقاطهم ولكننا لا ننظر الى فتواهم بمعزل عن ظروفها الموضوعية التي تتعلق بالمكان والزمان !!


قال الشيخ ابن عثيمين في تفسير سورة البقرة (2/294) :

"وأما الكافر فلا بأس من بره ، والإحسان إليه بشرط أن يكون ممن لا يقاتلوننا في ديننا ، ولم يخرجونا من ديارنا"

 وكما ان اخواننا النصارى في بلاد الاسلام  من اهل الذمة  غير المقاتلين او المسالمين في غير بلاد الاسلام فالشرط متوفر هنا ولا مجال للانكار


 رابعا : الصورة منتفية من الواقع
استغرب من الذين يمنعون هذا على اساس الخوف من الوقوع في الايمان بمعتقدهم ان يجربوا عمليا بتهنئتهم ويقيسوا مدى التغيير الحاصل –ان حصل !!- داخلهم .. هل زعزع ايمانهم او هل شعروا انهم وافقوهم او –ايضا- هل شعروا ان النصارى اعتقدوا اننا أمنا ايمانا او تصديقا بما يعتقدون ..؟؟

فالصورة منتفية اصلا  .. فلماذا يتم تهويلها الى هذا الحد وهو الالزام بالاقرار من جراء القول بالتهنئة ؟؟!!


 ارجو ان اكون قد وفقت في شرح ذلك

والله الموفق


ا