اكثر ما يزعج في مسألة الاستواء ان البعض يرى لوازمها ولا يرى حقيقة اللفظ.. بمعنى ان الاية تشير بوضوح الى معنى الاستيلاء كما يفهم من سياق الاية .. ثم يأتي أحدهم ويقول ان ذلك يعني وجود الهين تغالبا حتى انتصر الله عليه ... سبحانه وتعالى - على الرغم ان الاية لا يوجد فيها الا ذكر للرحمن فمن اين أتى خيالهم وأوهامهم بهذه النتيجة !!!
وهذا لازم يجب الا يتقوله طلبة العلم فهو فاسد لاصطدامه بآية محكمة {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ } وهذه الاية تنفي بلا شك نظرية المغالبة التي يدعيها الوهابية فكيف لله سبحانه وتعالى ان يتغلب على امره .. فيتضح انه لا ضرورة من هذا اللازم.. كما ان الإستيلاء بالنسبة لله لا يكون بعد مغالبة ..كما أن الخالقية هي له قبل خلق الخلق .والقهر له قبل قهر الخلق.
كذلك هناك في السياق يتضح اكثر لو قرأها أي من العوام قراءة على السليقة فانه لا يتوانى الى ذهنه الى حقيقة واحدة وهي الاستيلاء وهذا من البديهيات وكيف لا وقد خاطب الله عقول البشر على قدرهم وخاطبهم بلغتهم بما فيها من حقيقة ومجاز واستعارات وتشبيه وبلاغة... الخ الخ
وفحوى الخطاب في الاية هو أن العرش من أعظم مخلوقاته كما في الشريعة وثبت في الاحاديث الصجيجة الثابتة عنه صلوات ربي وسلامه عليه . فلما قال ذلك أراد تنبيهنا نحن معشر الإنس والجن أذا رأيتم أكبر مخلوقاتي وأعظمها فهو تحت سبطرتي وخاضع لي .. فما بالك يا أيها الإنسان الضعيف الفقير لكل شيء حولك ألا تكون خاضعا لي؟؟!! ..
كذلك يفهم من السياق ان هذا العرش المخلوق العظيم لله يحمل في ذاته فخر وعزة وقوة لكبره كما اخبر عنه صلى الله عليه وسلم لذلك استحق من الله ان يوصف عملية اخضاعه وسيطرته عليه بالاستيلاء هذا ما يجيزه العقل والمعنى يكون ان لا شيء عظيم امام قدرة الله فالعظمة وان ظهرت من خلال المخلوق ذاته فان الله لا يعيقه احد مما اتصف بالعظمة من مخلوقاته لانه هو العظيم الذي لا يهتدي الوصفون لوصف عظمته!!
باختصار
للانصاف فان ما يقوله ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ولحق بهم الوهابية لو اخذنا بمحذورات اللوازم واعتبرناها على ما هي فان ردود اهل السنة الاشاعرة والماتريدية اقوى وحجتهم اثبت في الذهن ... والاحوط هو ان نأخذ بأقوى الدليلين وهم جمهور المسلمين وما عليه منذ اكثر 1200 عام ... ولا ينبغي كسر هذا الاجماع بقول ابن تيمية الذي خطأه اهل العلم الكبار في حينها وقدم توبته مما اعتقده اما كبار علماء اهل السنة من مختلف المذاهب...