السؤال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف الحال سيدنا
عند المالكية ما حكم تقبيل المصحف؟
بحثنا في بعض كتب المالكية لم نجد ذكر المسألة (مختصر الشيخ خليل، ومواهب الجليل، والكافي، والمدونة، وتهذيبها، والشامل في فقه الإمام مالك...)
فقد وجدناها في الخرشي=الخراشي في شرحه لمختصر الشيخ خليل مع حاشية العدوي وكان الحكم مكروها.
ما رأيكم شيخنا
الجواب :
وعليكم السلام والرحمة والاكرام
حكمها في المذهب مكروه . وتجد ذلك في منح الجليل للشيخ عليش رحمه الله في باب الحج عند موضع تقبيل الحجر الاسود وكذا في شرح الزُّرقاني على مختصر خليل والفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني للنفراوي وفي الخرشي:
ويجوز تقبيل المصحف والخبز ورأس العالم كما نص عليه أبو عمران، وقال الأجهوري في شرحه: ويكره تقبيل المصحف
والمعتمد قول الأجهوري على ان القياس لا يصح على تقبيل الحجر الاسود كما سيأتي لانه قياس مع الفارق حيث الفرق أن أعمال الحج يغلب فيها الاتباع في طلب ما ورد فعله عن الشارع، وإن كان مخالفا لغيره من العبادات كالتلفظ بالنية فيه مع عدم جوازها في غيره من العبادات كالصلاة في معتمد المذهب .
وهذا متسق -تماما- مع قواعد وضوابط المذهب المالكي
حيث ان مذهبنا يرى الكراهة في كل أمر لم يفعل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عهد الصحابة ناهيك عن عدم فعله من اهل المدينة - فقهاؤها وعلماؤها- أو ناسها وما نسميه ببالأمر القديم
فالكراهة لهذا الموجب
لكن في الاصول نقول :
ان هذا يقبل القياس بما ورد من تقبيل الحجر الاسود فهو يمين الله في الارض كما في الروايات الصحيحة عن ابن عباس موقوفا كما قال ابن حجر في المطالب وكذلك حسنه الحافظ السخاوي بالشواهد عن أنس رضي الله عنهما. وهو ظاهر المدونة وكذلك ظاهر خليل في المختصر.
والقران كلام الله فبهذا الجامع يصلح ان يقال الامر جائز ؛ قال الحافظ ابن حجر استنبط بعضهم من مشروعية استلام الحجر جواز تقبيل كل من يستحق التعظيم من آدمي وغيره فقد نقل عن الإمام أحمد أنه سئل عن تقبيل منبر النبي وتقبيل قبره فلم ير به بأساً
لكننا نقيدها لاصل حكمها المكروه بقيدين على لا تنقلب الى جواز مطلق :
بشرط عدم المداومة عليه واتخاذه عادة - وهذه بحد ذاتها -كذلك- من قواعد وضوابط المذهب فب اتيان المكروه على سبيل غير المداومة واتخاذها عادة منعا من اعتقاها عبادة وتصبح لازمة من لوازم حمل المصحف وتناوله او عند فتحه للقراءة فيه وهذه كذلك قاعدة ثالثة منضبطة في مذهبنا بالا يفعل المكروه على سبيل الاعتقاد انه سنة ومستحب ومندوب فيما لم يأت عن السلف فعله
فضلا أن في اصول فقه مذهبنا - ان الكراهة لا تنفي الجواز
وعليه؛
يكره تقبيل المصحف بالمداومة او الاعتقاد انه مسنون ومندوب وجاز بدون هذين القيدين
وكذلك لو قلنا بالجواز قياسا على تقبيل الحجر الاسود فان مسألة فرعية اخرى تظهر في التصويت فب القبلة اي ان يسمع صوت القبلة ام يقبل بصمت بمعنى ان يضع شفتيه عليه دون اخراج صوت للقبلة فقولان في المذهب
لذا نقول:
اذا قلنا بالجواز بالقيدين اعلاه فانه يضم لهما قيد فرعي اخر وهو ان يقبل بلا تصويت بان يضع شفتيه عليه دون رفعه الى الجبين كذلك
رعاية للخلاف مع المعتمد للمذهب
قلتُ :
وعلى ما يبدو لنا في الوقت المعاصر عامة اهل العلم على الاستئناس بتحرير الشافعية كالعلامة السبكي في جواز ذلك
لما يظهر بشدة في هذه المسألة من أصل ثابت وهو تعظيم شعائر الله لقوله تعالى {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَٰٓئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى ٱلْقُلُوبِ}
د.زياد حبوب أبو رجائي
#مجالس_المذاهب
هذا والله تعالى أعلم