زياد أبو رجائي
لا يمكن تصور فعل بدون فاعل، فهذا من ضروب المستحيل ؛ والسبب بسيط إذ أنه ما كان الفعل فعلا لولا وجود فاعل قد فعله ! أي: ليس هناك فعل مطلقًا إلا وله فاعل أسند لذلك الفعل او العمل او الإجراء الذي استخلص وفهم من تلك الجملة، فالعلاقة قوية ووثيقة بينهما لذلك اعتبر النحويون: أن الفعل مع فاعله كالكلمة الواحدة.
وحديثنا - في هذا الموضوع - عن مدى حرية الحركة للفاعل باتجاه اليمين بالنسبة لفعله ، أو ما يسمى "بالإحالة"كما وصفه المبرد في المقتضب.
فهل يسمح الفعل ان يتحرك الفاعل أمامه ؟ والحق أن أحد أحكام الفاعل التي اتفق عليها العلماء هي عدم السماح بذلك ؛لأن الفعل لا يرفع فاعلين، فكانت القاعدة : وجوب تاخير الفاعل عن الفعل ، وهذا يبقى الجملة في حيز الجملة الفعلية .
فهل يسمح الفعل ان يتحرك الفاعل أمامه ؟ والحق أن أحد أحكام الفاعل التي اتفق عليها العلماء هي عدم السماح بذلك ؛لأن الفعل لا يرفع فاعلين، فكانت القاعدة : وجوب تاخير الفاعل عن الفعل ، وهذا يبقى الجملة في حيز الجملة الفعلية .
مثالنا :
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً
وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ
َإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً
وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى
وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ
إذن الحد من حرية الفاعل باتجاه اليمين بالنسبة للفعل هي أحد أحكام الفاعل ، لكن ماذا لو تقدم الفاعل عن الفعل !؟ فهل تكون الجملة صحيحة؟
نعم وهذا ما يستدل به بلاغيا بأن ذلك التقديم قد جاء لعلة بلاغية وهي : أن الغالب في مسألة التقديم والتأخير أن يكون هناك اهتمام بالمُقَدَّم.
لكن تمرد الفاعل على هذا الترتيب يعقبه حالات تغيرية في الجملة :
1- يجرد الفاعل من اعرابه فاعلا ويصبح هنا في صورة أخرى وموضع اعرابي جديد هو : مبتدأ .
2- حيز الجملة الفعلية في محل رفع خبر
3- تتحول الجملة من جملة فعلية إلى جملة اسمية
4- يترك ضميرا مستترا في الفراغ الذي أحدثه بعد الفعل
فتجرد الفاعل من صورة الفاعل إلى صورة المبتدأ فأنه يترك بصمة في المكان الذي تركه - أي: بعد الفعل الذي تحرك عنه - لأنه كما أسلفت - فإنه لا يوجد فعل بدون فاعل - وهذه البصمة وإن كانت مخفية إلا انها في محل رفع فاعل واصطلح عليها أهل العربية بالضمير المستتر العائد على الفعل الذي تحرك امام الفعل ليصبح مبتدأ.
مثالنا :
وَاللّهُ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (آل عمران : 156 )
اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا َ (الزمر : 42 )
والحقيقة أن هذا (تقدُّم الفاعل على فعله) خلاف شائع بين مدرسة البصرة ومدرسة الكوفة . ففي نحو: [اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ]، يقول الكوفيون: يجوز أن يتقدم الفاعل على فعله. فيكون [الله: فاعلَ (يتوفى)].أي:أنه فاعل لفعل مقدر يفسره المذكور بعده، أي بقاء الفاعل فاعلا دون تغيير في المسمى ولا يتحول إلى مبتدأ.
واختلاف المدرستين في إعراب هذا التركيب، لا يغيّر منه شيئاً!!