زياد أبو رجائي
جاء في « فقه اللغة » للثعالبي : الجيد طولها التلع إشرافها الهنع تطامنها الغلب غلظها البتع شدتها الصعر ميلها الوقص قصرها الخضع خضوعها الحدل عوجها.
وجاء في لسان العرب : العُنْقُ والعُنُقُ وُصْلة ما بين الرأس والجسد يذكر ويؤنث ، وعانَقهُ مُعَانقةً وعِناقاً التزمه فأدنى عُنُقَه من عُنُقِه وقيل المُعَانقة في المودة ،
قال الأَخطل وإذا المِئُونَ تواكَلَتْ أَعْناقُها فاحْمِدْ هُناكَ على فَتىً حَمّالِ قال ابن الأَعرابي أَعْناقُها جماعاتها وقال غيره سادَاتها .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة ] أي أكثر أعمالا . يقال : لفلان عنق من الخير : أي قطعة . وقيل : أراد طول الأعناق أي الرقاب لأن الناس يومئذ في الكرب وهم في الروح متطلعون لأن يؤذن لهم في دخول الجنة . وقيل : أراد أنهم يكونون يومئذ رؤساء سادة والعرب تصف السادة بطول الأعناق . وروي [ أطول إعناقا ] بكسر الهمزة : أي أكثر إسراعا وأعجل إلى الجنة . يقال : أعنق يعنق إعناقا فعو معنق والاسم : العنق بالتحريك
ومنه الحديث [ لا يزال المؤمن معنقا صالحا ما لم يصب دما حراما ](1) أي مسرعا في طاعته منبسطا في عمله . وقيل : أراد يوم القيامة
- ومنه الحديث [ أنه كان يسير العنق فإذا وجد فجوة نص ] (2)
- ومنه الحديث [ فانطلقنا إلى الناس معانيق ] أي مسرعين جمع معناق (3)
- ومنه حديث أصحاب الغار [ فانفرجت الصخرة فانطلقوا معانقين ] أي مسرعين من عانق مثل أعنق إذا سارع وأسرع ويروى [ فانطلقوا معانيق ] (4)
- وفيه [ يخرج عنق من النار ] أي طائفة منها (5)
- ومنه حديث الحديبية [ وإن نجوا تكن عنق قطعها الله ] أي جماعة من الناس
- ومنه حديث فزارة [ فانظروا إلى عنق من الناس ] .(6)
- ومنه الحديث [ لا يزال الناس مختلفة أعناقهم في طلب الدنيا ] (7) أي جماعات منهم . وقيل : أراد بالأعناق الرؤساء والكبراء كما تقدم
- وفي حديث الضحية [ عندي عناق جذعة ](8) هي الأنثى من أولاد المعز ما لم يتم له سنة
وفي حديث أبي بكر [ لو منعوني عناقا مما كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه ](9) فيه دليل على وجوب الصدقة في السخال وأن واحدة منها تجزئ عن الواجب في الأربعين منها إذا كانت كلها سخالا ولا يكلف صاحبها مسنة وهو مذهب الشافعي . وقال أبو حنيفة : لا شيء في السخال . وفيه دليل على أن حول النتاج حول الأمهات ولو كان يستأنف لها الحول لم يوجد السبيل إلى أخذ العناق » ابن الأثير
(1) عن أبي الدرداء وعبادة بن الصامت .تحقيق الألباني: ( صحيح ) انظر حديث رقم : 7693 في صحيح الجامع .
(2) ( متفق عليه ) عن أسامة بن زيد أنه سئل كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير حين دفع من عرفة قال كان يسير العنق فإذا وجد فجوة نص قال وكيع والنص يعني فوق العنق .تحقيق الألباني : صحيح ، صحيح أبي داود ( 1679 ).
(3) عن عوف بن مالك الأشجعي قال :عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافترش كل رجل منا ذراع راحلته قال فانتهيت إلى بعض الليل فإذا ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس قدامها أحد قال فانطلقت أطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا معاذ بن جبل وعبد الله بن قيس قائمان قلت أين رسول الله صلى الله عليه وسلم قالا ما ندري غير أنا سمعنا صوتا بأعلى الوادي فإذا مثل هزيز الرحل قال امكثوا يسيرا ثم جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنه أتاني الليلة آت من ربي فخيرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة فاخترت الشفاعة فقلنا ننشدك الله والصحبة لما جعلتنا من أهل شفاعتك قال فإنكم من أهل شفاعتي قال فاقبلنا معانيق الي الناس فإذا هم قد فزعوا وفقدوا نبيهم
مسند الإمام أحمد تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين.
(4) عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم : ان ثلاثة نفر فيما سلف من الناس انطلقوا يرتادون لأهلهم فأخذتهم السماء فدخلوا غارا فسقط عليهم حجر متجاف حتى ما يرون منه حصاصة فقال بعضهم لبعض قد وقع الحجر وعفا الأثر ولا يعلم بمكانكم الا الله فادعوا الله بأوثق أعمالكم قال فقال رجل منهم اللهم ان كنت تعلم انه قد كان لي والدان فكنت أحلب لهما في إنائهما فآتيهما فإذا وجدتهما راقدين قمت على رؤوسهما كراهية ان أرد سنتهما في رؤوسهما حتى يستيقظا متى استيقظا اللهم ان كنت تعلم اني إنما فعلت ذلك رجاء رحمتك ومخافة عذابك ففرج عنا فزال ثلث الحجر وقال الآخر اللهم ان كنت تعلم اني استأجرت أجيرا على عمل يعمله فأتاني يطلب أجره وأنا غضبان فزبرته فانطلق فترك أجره ذلك فجمعته وثمرته حتى كان منه كل المال فأتاني يطلب أجره فدفعت إليه ذلك كله ولو شئت لم أعطه الا أجره الأول اللهم ان كنت تعلم اني إنما فعلت ذلك رجاء رحمتك ومخافة عذابك ففرج عنا قال فزال ثلثا الحجر وقال الثالث اللهم ان كنت تعلم انه أعجبته امرأة فجعل لها جعلا فلما قدر عليها وقر لها نفسها وسلم لها جعلها اللهم ان كنت تعلم اني إنما فعلت ذلك رجاء رحمتك ومخافة عذابك ففرج عنا فزال الحجر وخرجوا معانيق يتماشون .
مسند الإمام أحمد تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط الشيخين
(5) عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يخرج عنق من النار يوم القيامة له عينان يبصر بهما وأذنان يسمع بهما ولسان ينطق به فيقول انى وكلت بثلاثة بكل جبار عنيد وبكل من ادعى مع الله الها آخر والمصورين .
مسند الإمام احمد -تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط الشيخين
(6) عن إياس بن سلمة قال حدثني أبي قال : خرجنا مع أبي بكر بن أبي قحافة أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا قال غزونا فزاره فلما دنونا من الماء أمرنا أبو بكر فعرسنا قال فلما صلينا الصبح أمرنا أبو بكر فشننا الغارة فقتلنا على الماء من قتلنا قال سلمة ثم نظرت إلى عنق من الناس فيه الذرية والنساء نحو الجبل وأنا أعدو في آثارهم فخشيت ان يسبقوني إلى الجبل فرميت بسهم فوقع بينهم وبين الجبل قال فجئت بهم أسوقهم إلى أبي بكر رضي الله عنه حتى أتيته على الماء وفيهم امرأة من فزارة عليها قشع من آدم ومعها ابنة لها من أحسن العرب قال فنفلني أبو بكر ابنتها قال فما كشفت لها ثوبا حتى قدمت المدينة ثم بت فلم أكشف لها ثوبا قال فلقينى رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق فقال يا سلمة هب لي المرأة قال فقلت يا رسول الله والله لقد أعجبتني وما كشفت لها ثوبا قال فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركني حتى إذا كان من الغد لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق فقال يا سلمة هب لي المرأة لله أبوك قال قلت يا رسول الله والله أعجبتني ما كشفت لها ثوبا وهى لك يا رسول الله قال فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة وفي أيديهم أسارى من المسلمين ففداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك المرأة قال
مسند الإمام احمد تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم
أخرجه مسلم بفظ آخر
(7) صحيح مسلم : عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال كنت واقفا مع أبي بن كعب فقال لا يزال الناس مختلفة أعناقهم في طلب الدنيا قلت أجل قال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوشك الفرات أن يحسر عن جبل من ذهب فإذا سمع به الناس ساروا إليه فيقول من عنده لئن تركنا الناس يأخذون منه ليذهبن به كله قال فيقتتلون عليه فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون
(8) صحيح البخاري : عن البراء بن عازب قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر بعد الصلاة فقال من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك ومن نسك قبل الصلاة فتلك شاة لحم فقام أبو بردة بن نيار فقال يا رسول الله والله لقد نسكت قبل أن أخرج إلى الصلاة وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب فتعجلت وأكلت وأطعمت أهلي وجيراني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك شاة لحم قال فإن عندي عناق جذعة هي خير من شاتي لحم فهل تجزي عني قال نعم ولن تجزي عن أحد بعدك.
(9) السلسلة الصحيحة ( 407 )