بسم الله الرحمن الرحيم
وبه استعين
والحمد لله رب العالمين
لا احصي ثناء عليه هو كما اثنى على نقسه
واصلي واسلم وابارك على سيدي رسول الله المعلم الاول والهادي الى الصراط المستقيم وعلى اله الطبيبن الطاهرين واصحابه الغر الميامبن رضي الله عنهم اجمعين وعنا بهم الى يوم الدين
ايها الاخوة الاحبة
اعلموا انه من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين
فالفقه سبب لهذا الخير العميم من الله
قال تعالى وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيرا
قال الامام مالك : الفقه في الدين
واعلموا أن (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ)
(وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ)
هذِهِ المدونة، نهجتُ فيْهَا سبيْلَ الإيْجَاز والإختصَار، ,غايَتي مِن ذلِك توصيل المعلومة للمسلم باقصر الطرق
وألحقتُ بذلك الادلة
والشواهد من الكتاب والسنة المطهرة، وأثر الصحابة رضوان الله عليهم، وذكرتُ ائمة وفقهاء المذاهب الاربعة في منهج الاستدلال لديهم
ا وركزت على مواضع الخلاف بين المذاهب الاربعة وحرصت على منهجيه فيها اظهار الاجماع ....
سائلاً اللهَ عزَّوجل الإعَانَة ، واللطف في الأمر كلِّهِ ، وأنْ يَجعلَ مَا اكتبُهُ خالصَاً لوجههِ الكريْم
....وان يختم لي بالصالحات وحسن المآب معافاً في ديني وسالما في معتقدي
اللهم امين
الشيخ د. زياد حبوب أبو رجائي

لا يجوز شهادة البدوي على الحضري لا يحمل على ظاهره


د. زياد حبوب أبو رجائي



الرد  على الفوزان في تعليله المنع بصفات شخصية للبدو!

الحديث عند أبي داود : 

قال الذهبي في تعليقه على "المستدرك" (4/111) للحاكم: (لم يصححه المؤلف، وهو حديث منكر على نظافة سنده)أهـ.
وقال النسائي: هذا الحديث ليس بالقوي، 
وقال البغوي : ذهب أكثر أهل العلم إلى كون شهادة البدوي كالحضري. "شرح السنة" (10/129)

ومنهج اهل السنة هو الجمع بين المتعارضات في الظاهر وإذا تعذر يصار الى التاويل لذلك قالوا :
1. لما كان معارضا لعموم قوله تعالى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} 
2. وبما أنه مخالف لظاهر أقوى من السنة؛ حيث أجاز صلى الله عليه وسلم شهادة الأعرابي في ثبوت دخول رمضان.
3. كذلك معارض بمقاصد الشرع في ان الناس سواسية كأسنان المشط كما قال صى الله عليه وسلم :
ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى، اسناده صحيح.

وتسمى في أصول الفقه شهادة مجهول الحال  او الغريب وهي غير مقبولة لاحتمال اضاعة الحقوق حال النزاع. والخصومة.
وبعض الاصوليين قالوا : يمنع من قبول الشهادة لمخالفة العادة
لا يخرج عن كونه عدلا لكن شهادته لم تقبل لفقده مكان الاقامة اذا تطلب الامر حال النزاع والخصومة لا يكون جاهز لاداء شهادته. فتضيع الحقوق !!
اذ ليس لك في إثبات الحق على خصمك إلا شاهداك، وليس على خصمك عند عدم البينة إلا يمينه !!

وهو محمول على من لم تعرف عدالته من أهل البادية
وإن كان بدويا ينتقل في المواضع
قال ابن عقيل ولا تقبل شهادة من عرف بالعصبية كعصبية أهل البادية على أهل القرى فإن البدوي يميل إلى البادية ولا يميل إلى أهل القرى وكذلك قبيلة على قبيلة تعرف بينهم مباينة فتكون في حيز العداوة والمنافرة وكذلك شهادة أهل المناطق المتباين أهلها بالعصبيات والعصبية توجب التهمة.

1. منع شهادة التحمل وليس شهادة الاداء
على انشاء عقد ابتداء لأنه في حالة النزاع مثلا ان طلب البدوي المرتحل المتنقل لن تجده وقت الاشهاد في فض الخصومة
مما يضيع الحق لصاحب الحق
فحرصا على تحصيل الحق نهى رسول الله عن اشهاد بدوي مرتحل غير مقيم اقامة دائمة او على أقل تقدير ان يحضر للشهادة إذا طلب
فاحترازا من عدم اضاعة الحق
لذلك : . لا يدخل في ذلك شهادة الأداء فكل المسلمين سواء

2. المسألة  لا تتعلق بمجرد وصف البداوة؛ وإنما لأجل الشك عند انفراد الغريب عن أهل البلد بشهادة عنهم في موضع الشهرة
والمعنى المقصود هنا : لا يقدم بدوي غير مقيم مرتحل يتنقل في البلاد على مقيم دائم وذلك لجهوزيته وقت الاداء اذا حصل نزاع


لذلك  مسألة لا تحتاج إلى اشهاد مستقبلي (اذا حصل نزاع )وتنتهي بشهادة في الحال  كما في القتل والزنا وشرب الخمر والضرب والشتم، وما أشبه ذلك مما لا يقصد إلى الإشهاد عليه اي انتهاء القضية في مكانها وزمانها..
اما عقود أمانة او استدانة  أو بيع أو شراء أو هبة أو نحو ذلك مما يستبعد حضور البدوي فيه دون الحضري، فلا تقبل (بخلاف إن سمعه) يقر بشيء لحضري، أو رآه يفعل بحضري شيئا من غصب أو ضرب أو إتلاف مال أو رآه يشرب الخمر أو نحو ذلك مما لا يقصد الإشهاد به عليه، فيجوز وتقبل شهادته
والمعنى لا تقبل شهادة البدوي على القروي في الحقوق التي يمكن التوثق فيها بإشهاد الحاضر كما عند المالكية وإلا فيجوز ان يشهد 
ومعناه عندنا: ألَّا يكون البدوي قاطنا مع المتداعيين، فيدعي المدعي شيئًا يمكن فيه إشهاد أهل القرية، فيتركهم ويدعي شهادة البدوي فيتهم

3. يُحمل الحديث على من لم تعرف عدالته من أهل البدو، فاذا اراد القاضي يسأل عن عدالته لن يجد من يعرفه ليدلي بشهادته لأن الغالب عدم وجود معارف ليتم سؤالهم عن حاله من القاضي ، فيعرف عدالته .. لانه غريب الديار
والعدالة يجب توافرها في الشهود بحيث يغلب خيرهم شرهم
فكيف له ان يعرف خيره من شره أصالة

4. حمله على صفات الجفاء والعصبية؛ فإن هذا موجود عند الجميع بين مستقل ومستكثر  من اهل المدن او القرى.

5. منع رسول الله ذلك لعدم اضاعة الحقوق وصيانة للعقود مستقبلا في حال نشب نزاع بين المتعاقدين فاذا طلب المرتحل المتنقا غير المقيم ولم يحضر ضاع حق أحد الطرفين لعدم وجود شهود!! 
والاشهاد  فرض عين على من تحملها متى دعي إليها وخيف من ضياع الحق
فغرض الشرع من طلب التحقق من الشهود  لأنه يخشى على الحق أن يضيع

6. لأن التهمة تقوى في هذه الشهادة، لأن الناس لا يتركون التوثق بإشهاد جيرانهم وأهل بلادهم ويشهدون الأباعد وأهل البلد إلا لريبة يعلمون معها أن الشهود من أهل الحضر لا يشهدون في ذلك الشيء فيعدلون إلى من لا يعرفه

فالمسألة ليست عنصرية او تعصب لجنس على جنس

1. وإلا لما منع الشرع شهادة الفاسق المسلم !!
وطلب التثبت منه ( إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا)
2. وإلا لما منع شهادة خائن ولاخائنة ولازان ولازانية وهو مسلم !! لانه ساقط العدالة اذا حكم عليه بعد استيفاء الشروط طبعا
3. وإلا لما منع شهادة اب لابنه او ابن لابيه  ولاتقبل شهادة المرأة لزوجها ولا شهادة الزوج لامرأته لمظنة التعاطف  ونفي التهمة او الشبهة وضياع حق الخصم مثلا
4.وإلا لما منع شهادة القاذف للمؤمنات المحصنات وهو مسلم !! ({والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا)
5. وإلا لما منع شهادة الصغير غير البالغ وهو مسلم!! لمظنة عدم الضبط وغياب المروءة التي هي شرط كذلك فهي أن يفعل الإنسان ما يزينه ويترك ما يشينه من الاقوال والافعال. وهذا يغلب على الرجال ووقوع الصبيان متحصل من عدم نضوج عقله للتمييز...
6. والا لما منع شهادة امرأة واحدة وهي مسلمة!! الا بوجود اثنتان حتى اذا نسيت الاولى تذكرها الاخرى ويكون القول تعاضدي 
7. وإلا لما منع الأخرس المسلم من الشهادة !!
8. وإلا لما منع  شهادة من اشتهر بعدم الضبط او النسيان او مريض بالزهايمر وهو مسلم كذلك !!
9. وإلا لما منع شهادة العدو على عدوه إذا كانت العداوة بينهما عداوة دنيوية لوجود التهمة وهو مسلم !!
10. وإلا لما منع شهادة ملة على ملة لمظنة الشبهة في عدم الاداء بالحق وتغليب العداوة والكره المحتملين!!
11. وإلا لما منع الخادم الذي ينفق عليه  لمظنة ايقاف النفقة عليه فيتضرر فيشهد شهادة زور خوفا من ذلك وهو مسلم !!
ولا تقبل شهادة جار لنفسه نفعا وما هو ولي أو وصي أو وكيل فيه لمظنة التعاطف والزور في الشهادة...
وهذا متفق عليه في المذاهب الاربعة بحمد لله على فقه علماء أهل السنة 
12. وإلا لما منع شهادة (الأعمى) فيما يتعلق بالبصر لجواز اشتباه الأصوات
13. وإلا لما منع قبول شهادة فاسق في ثبوت رمضان ومنعها في ثبوت انتهاء رمضان لمظنة انه يريد ان ينتهي الصيام فيعود الى فسقه وفجوره كشرب الخمر وغيرها !!
14. وإلا لما منعت شهادة الرجال في النسب من الرضاعة  فتقبل شهادتهن بأن هذا اللبن من هذه المرأة لأن الرجال لا يطلعون عليه غالبا. وكل (ما لا يطلع عليه الرجال) غالبا كبكارة وولادة وحيض ورضاع وعيب امرأة تحت ثوبها 


المذاهب الاربعة :  فقه علماء أهل السنة :
  1. المالكية :  مدار المنع على الاستبعاد  : يستبعد حضور البدوي فيه دون الحضري، فلا تقبل (بخلاف إن سمعه) يقر بشيء لحضري، أو رآه يفعل بحضري شيئا من غصب أو ضرب أو إتلاف مال أو رآه يشرب الخمر أو نحو ذلك مما لا يقصد الإشهاد به عليه، فيجوز وتقبل شهادته. كما يجوز فيما يقع بالبادية من ذلك كله على حضري وبدوي. انظر بلغة السالك 250/4
  2. الشافعية : شهادة البدوي على القروي وعكسه مقبولة (الام 231/3)
  3. الحنابلة : تقبل شهادة بدوي على قروي ، وحديث أبي هريرة مرفوعا: محمول على من لم تعرف عدالته من أهل البدو.(مطالب اولى النهى 622/6