بسم الله الرحمن الرحيم
وبه استعين
والحمد لله رب العالمين
لا احصي ثناء عليه هو كما اثنى على نقسه
واصلي واسلم وابارك على سيدي رسول الله المعلم الاول والهادي الى الصراط المستقيم وعلى اله الطبيبن الطاهرين واصحابه الغر الميامبن رضي الله عنهم اجمعين وعنا بهم الى يوم الدين
ايها الاخوة الاحبة
اعلموا انه من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين
فالفقه سبب لهذا الخير العميم من الله
قال تعالى وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيرا
قال الامام مالك : الفقه في الدين
واعلموا أن (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ)
(وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ)
هذِهِ المدونة، نهجتُ فيْهَا سبيْلَ الإيْجَاز والإختصَار، ,غايَتي مِن ذلِك توصيل المعلومة للمسلم باقصر الطرق
وألحقتُ بذلك الادلة
والشواهد من الكتاب والسنة المطهرة، وأثر الصحابة رضوان الله عليهم، وذكرتُ ائمة وفقهاء المذاهب الاربعة في منهج الاستدلال لديهم
ا وركزت على مواضع الخلاف بين المذاهب الاربعة وحرصت على منهجيه فيها اظهار الاجماع ....
سائلاً اللهَ عزَّوجل الإعَانَة ، واللطف في الأمر كلِّهِ ، وأنْ يَجعلَ مَا اكتبُهُ خالصَاً لوجههِ الكريْم
....وان يختم لي بالصالحات وحسن المآب معافاً في ديني وسالما في معتقدي
اللهم امين
الشيخ د. زياد حبوب أبو رجائي

شرح مختصر خليل- الصلاة - فصل اوقات الصلاة

 كتاب الصلاة

فصل اوقات الصلاة( 1)

الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ لِلظُّهْرِ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ لآخِرِ الْقَامَةِ بِغَيْرِ ظِلِّ الزَّوَالِ(2 ) وهُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ لِلاصْفِرَارِ واشْتَرَكَتَا بِقَدْرِ إحْدَاهُمَا(3 ) 

وهَلْ فِي آخِرِ الْقَامَةِ الأُولَى، أَوْ أَوَّلِ الثَّانِيَةِ؟ خِلافٌ(4 )

ولِلْمَغْرِبِ غُرُوبُ الشَّمْسِ تُقَدَّرُ بِفِعْلِهَا(5 ) بَعْدَ شُرُوطِهِمَا

ولِلْعِشَاءِ مِنْ غُرُوبِ حُمْرَةِ الشَّفَقِ( 6) لِلثُّلُثِ الأَوَّلِ(7 )

ولِلصُّبْحِ مِنْ الْفَجْرِ الصَّادِقِ( 8) لِلإِسْفَارِ الأَعْلَى(9 ) وهِيَ الْوُسْطَى(10 )

وإِنْ مَاتَ وَسَطَ الْوَقْتِ بِلا أَدَاءٍ لَمْ يَعْصِ إلا أَنْ يَظُنَّ الْمَوْتَ( 11).

والأَفْضَلُ لِفَذٍّ تَقْدِيمُهَا مُطْلَقاً( 12) وعَلَى جَمَاعَةٍ آخِرَهُ. ولِلْجَمَاعَةِ تَقْدِيمُ غَيْرِ الظُّهْرِ وتَأْخِيرُهَا لِرُبْعِ الْقَامَةِ، وتزَادُ لِشِدَّةِ الْحَرِّ(13 )

وفيها(14 ): نُدِبَ تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ قَلِيلاً، وإِنْ شَكَّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ لَمْ تَجُزْ، ولَوْ وَقَعَتْ فِيهِ. 

والضَّرُورِيُّ بَعْدَ الْمُخْتَارِ لِلطُّلُوعِ فِي الصُّبْحِ، ولِلْغُرُوبِ فِي الظُّهْرَيْنِ ولِلْفَجْرِ فِي الْعِشَاءَيْنِ

وتُدْرَكُ فِيهِ الصُّبْحُ بِرَكْعَةٍ( 15) لا أَقَلَّ والْكُلُّ أَدَاءٌ(16 ). 

والظُّهْرَانِ والْعِشَاءَانِ بِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنِ الأُولَى لا الأَخِيرَةِ كَحَاضِرٍ سَافَرَ وقَادِمٍ، وأَثِمَ إلا لِعُذْرٍ بِكُفْرٍ، وإِنْ بِرِدَّةٍ وصِبًى وإِغْمَاءٍ وجُنُونٍ ونَوْمٍ وغَفْلَةٍ كَحَيْضٍ لا سُكْرٍ، والْمَعْذُورُ وغَيْرُ كَافِرٍ يُقَدَّرُ لَهُ الطُّهْرُ، وإِنْ ظَنَّ إِدْرَاكَها فَرَكَعَ، فَخَرَجَ الْوَقْتُ قَضَى الأَخِيرَةَ، وإِنْ تَطَهَّرَ فَأَحْدَثَ أَوْ تَبَيَّنَ عَدَمُ طُهُورِيَّةِ الْمَاءِ أَوْ ذَكَرَ مَا يُرَتَّبُ فَالْقَضَاءُ ، وأَسْقَطَ عُذْرٌ حَصَلَ غَيْرَ نَوْمٍ ونِسْيَانٍ الْمُدْرَكَ، وأُمِرَ صَبِيٌّ بِهَا لِسَبْعٍ، وضُرِبَ لِعَشْرٍ، ومُنِعَ نَفْلٌ وَقْتَ طُلُوعِ شَمْسٍ وغُرُوبِهَا، وخُطْبَةِ جُمُعَةٍ. وكُرِهَ بَعْدَ فَجْرٍ وفَرْضِ عَصْرٍ إِلَى أَنْ تَرْتَفِعَ قِيدَ رُمْحٍ. 

------------------------------------------------------------

(  1) قَدَّمَهُ الشيخُ خَليلٌ لِأَنَّهَا أَصْلٌ فِي وُجُوبِ الصَّلَاَةِ، فَإِذَا دَخَلَ الْوَقْتُ وَجَبَ الْوُضُوءُ وَغَيْرَهُ، و لِكُلُّ صَلَاَةِ ثَلَاثَةِ أَوََقَاتٍ: اِختيارِيٌّ، وَضَرُورِيٌّ، وَقَضَاءً.قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ 

(  2) مُضَافَا إِلَيْهِ الْقَدْرَ الَّذِي زالت الشَّمْسَ عَلَيْهِ

(  3) اتفاقاً ومحل الخلاف هو محل التداخل فيما بينهما. لأَنَّ  أَحَادِيثَ  الْاِشْتِرَاكِ  صَرِيحَةً فِي الْاِشْتِرَاكِ

(  4) المعتمد فِي آخِرِ الْقَامَةِ الْأُولَى وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الشيخُ خَليلٌ فِي قَوْلِهِ، وَهُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ إشَارَةً لِتَرْجِيحِه وقالَ في التّوضيح: وَالْأظْهَرُ أَنَّ الْعَصْرَ هِي الْمُشَارَكَةُ لِلظُّهْرَ فِي آخِرِ الْقَامَةِ الْأوْلَى ِ. وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ ابْنِ رَاشِدٍ وَابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ، وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ

(خِلَافٌ) أَيْ قَوْلَانِ مُشَهَّرَانِ اسْتَظْهَرَ الْأَوَّلَ ابْنُ رُشْدٍ وَشَهَّرَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَابْنُ رَاشِدٍ وَفِي جَزْمِ الشيخ خليل بِهِ أَوَّلًا إشْعَارٌ بِأَنَّهُ الرَّاجِحُ عِنْدَهُ وَشَهَّرَ الثَّانِيَ سَنَدٌ وَابْنُ الْحَاجِبِ.

ومَنْشَأُ الْخِلَافِ قَوْلُهُ - ×- فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى: «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَصَلَّى بِي الظُّهْرَ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بِي الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ» ، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ: «فَصَلَّى بِي الظُّهْرَ مِنْ الْغَدِ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ» ، فَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثَيْنِ؛ فَصَلَّى، هَلْ مَعْنَاهُ شَرَعَ فِيهِمَا أَوْ مَعْنَاهُ فَرَغَ مِنْهُمَا؟ فَإِنْ فُسِّرَ بِشَرَعَ كَانَتْ الظُّهْرُ دَاخِلَةً عَلَى الْعَصْرِ وَمُشَارِكَةً لَهَا فِي أَوَّلِ الْقَامَةِ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ فُسِّرَ بِفَرَغَ كَانَتْ الْعَصْرُ دَاخِلَةً عَلَى الظُّهْرِ وَمُشَارِكَةً فِي آخِرِ الْقَامَةِ الْأُولَى.

(  5)  هذه على رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ وهي المعتمد . وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ.

قَالَ اِبْنُ رَشَدٍ: لا خِلَاَفُ بَيْنَ أهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الصَّلَاَةَ قَدْ حَلَّتْ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ ؛ إِلَّا أَنَّ صَلَاَةَ الْمَغْرِبِ قَدْ وَجَبَتْ بِالْغُرُوبِ، فَلَا يَنْبَغِي لِأحَدٍ أَْنْ يُصَلِّي نَفَلًا قَبْلَ صَلَاَةِ الْمَغْرِبِ قَالَ: وَهَذَا هُوَ الأظهر.

وَرَوَى غَيْرُهُ (فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ أَشْهَبَ) عَن الإمام مالك امْتِدَادَ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ لِمَغِيبِ الشَّفَقِ وقال ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَالرَّجْرَاجِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ

ورِوَايَةُ الامْتِدَادِ حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ، وهُوَ الْحُمْرَةُ دُونَ الْبَيَاضِ مِنَ الْمُوَطّأِ . وَلَفْظُ الْمُوَطَّأِ: فَإِذَا ذَهَبَتِ الْحُمْرَةُ فَقَدْ وَجَبَتْ صَلَاَةُ الْعِشَاءِ وَخَرَجَ وَقْتُ الْمَغْرِبِ

فِعْلِهَا ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ. بَعْدَ زَمَنِ تَحْصِيلِ شُرُوطِ صِحَّتِهَا الْأَرْبَعَةِ؛ طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَطَهَارَةِ الْخَبَثِ، وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ الْمُغَلَّظَةِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ.

وَالْمُعْتَبَرُ مِنْ طَهَارَةِ الْحَدَثِ الْغُسْلُ، وَلَوْ كَانَ حَدَثُهُ أَصْغَرَ أَوْ مُتَيَمِّمًا مِنْ شَخْصٍ غَيْرِ مُوَسْوَسٍ وَلَا مُسْرِعٍ جِدًّا فَلَا يَخْتَلِفُ وَقْتُهَا بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمُصَلِّينَ أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْآبِيُّ وَاسْتَظْهَرَهُ الْعَدَوِيُّ

(6  ) وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ

وَهُوَ الْحُمْرَةُ دُونَ الْبَيَاضِ . وَأَخَذَ اللَّخَمِيُّ قُولَا لِمَالِكٍ بِأَنَّهُ الْبَيَاضُ مِنْ قَوْلِ اِبْنِ شَعْبَانِ: أَكْثَرَ قَوْلِهِ (أيْ مالك) أَنَّ الشَّفَقَ الْحُمْرَةَ.

قَالَ الْمَازِرِيِّ: وَيُمْكِنُ عِنْدي أَْنْ يَكْوُنَ اِبْنُ شَعْبَانِ أَشَارَ بِهَذَا لَمَّا وَقْعٍ فِي سَمَاعِ اِبْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ

(  7) وَاِخْتَلَفَتْ  الْأَحَادِيثُ فِي تَحْدِيدِ وَقْتِهَا بِالثُّلْثِ وَالنِّصْفِ.

وَيَُحْسَبُ الثُّلْثُ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ

فَمَشْهُورُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إِلَى ثُلُث اللَّيْلِ كَمَا جَاءَ فِي حَديثِ عُمَرٍ، وَهَذَا قَوْلُِ مَالِك وَاِبْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهُبٍ. كَمَا فِي الْمُوَطَّأِ . وَالْعَشَاءَ إِذَا غَابَ الشَّفَقُ إِلَى ثُلُث اللَّيْلِ.

وَقَالَ اِبْنُ حَبيبٍ وَاِبْنِ الْمَوَّازِ: إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ. لِحَديثُ مُسَلَّمُ وَوَقْتُ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ الْأوْسَطِ

وَقِيلَ: إِنَّ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ يَمْتَدُّ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ.وهو قَول الشَّيْخُ عَبد الباقي الزُّرقاني

(8  ) التَّغْلِيسُ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ َهُوَ الْأَفْضَلُ عِنْدَنَا. لِأَنَّهَا كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ × وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يُغَلِّسُونَ بِالصُّبْحِ فَلَمَّا قُتِلَ عُمَرُ أَسْفَرَ بِهَا عُثْمَانُ

(9  ) عَلَى مَا تَتَبَيَّنُ بِهِ الْأَشْيَاءُ  وَتَتَرَاءَى بِهِ الْوُجُوهُ. وَهُوَ الَّذِي يُمَيِّزُ الشَّخْصُ فِيهِ جَلِيسَهُ تَمْييزًا وَاضِحًا، وَالظَّاهِرَ أَنَّهُ يُرَاعَى فِي ذَلِكَ الْبَصَرِ الْمُتَوَسِّطِ فِي مَحَلٍّ لَا سَقْفٌ فِيهِ وَلَا غِطَاءٌ

رِوَايَةُ اِبْنِ الْقَاسِمِ وَاِبْنِ عَبْدِ الْحُكْمِ، وَمَذْهَب  الْمُدَوَّنَةِ. وهُوَ الْمَشْهُورُ والمعتمد

وَقِيلَ: لِطُلُوعُ الشَّمْسِ ؛ وَهُوَ رِوَايَةُ اِبْنِ وَهَبَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْأَكْثَرِ، وَعَزَاهُ عِيَاضُ لِكَافَّةَ الْعُلَمَاءِ وَأئِمَّةِ الْفَتْوَى. قَالَ: وَهُوَ مَشْهُورُ قَوْلِ مَالِكَ وقال اِبْنُ الْعَرَبِيِّ: وَلَا يُصِحُّ عَنْ مَالِكِ غَيْرُهِ

(  10) وَالصُّبْحُ مِنْ صَلَاَةِ النَّهَارِ

(  11) ظَاهِرُ إطْلَاقِ الشيخِ خَليل فَيَشْمَلُ كُلَّ الطّنّ. والمعتمد  نَقْلِ الْمَوَّاقِ، وَقَيَّدَهُ الْحَطّ بِالظَّنِّ الغالِبِ وَلَمْ يُؤَدِّهَا فَيَأْثَمُ سَوَاءٌ مَاتَ أَوْ لَمْ يَمُتْ لِضِيقِ الْوَقْتِ.

(  12) سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ × أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا

أما حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنِ النَّبِيِّ × أَنَّهُ قَالَ أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ ؛ فَقَدْ حَمَلَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ عَلَى تَحَقُّقِ طُلُوعِ الْفَجْرِ لَا تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ، وَآخَرُونَ عَلَى اللَّيَالِي الْمُقْمِرَةِ فَإِنَّ الصُّبْحَ لَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا فَأَمَرَ بِالِاحْتِيَاطِ، وَحَمَلَهُ الطَّحَاوِيُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْأَمْرُ بِتَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الصَّلَاةِ مُسْفِرًا

(  13) ظاهرُ كَلامِ الشّيخِ خَليل الإطْلاقُ .  والمعتمد قول الباحي أي: وَيُزَادُ لِشِدَّةِ الْحَرِّ لِنِصْفِهَا ؛ نُدِبَ تَأْخِيرُهَا لِلْإِبْرَادِ حَتَّى تَتَفَيَّأَ الْأَفْيَاءُ . وظاهر كلام الدردير قال الشرح الصغير: وَحَدَّ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ بِنِصْفِ الْقَامَةِ وَبَعْضُهُمْ بِأَكْثَرَ.

وقد حصّل ابن عرفة فيه أربعة أقوال:

الأول: لنحو ذراعين. قاله الباجي. وهو المعتمد لأن قَامَةُ كُلِّ إنْسَانٍ سَبْعَةُ أَقْدَامٍ بِقَدَمِ نَفْسِهِ أَوْ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ بِذِرَاعِ نَفْسِهِ

لأثر ابن عمر قَالَ مَالِكٌ: وَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ رُبَّمَا رَكِبَ فِي السَّفَرِ بَعْدَمَا يَفِيءُ الْفَيْءُ ذِرَاعًا فَيَسِيرُ الْمِيلَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ.

الثاني: فوقهما بيسير، حكاه المازري عن ابن حبيب. 

الثالث: ما لَمْ يخرج الوقت، حكاه اللخمي والمازري وابن العربي عن ابن عبد الحكم. 

الرابع: لا ينتهي لآخر وقتها. حكاه أبو محمد عن أشهب.

لأثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إلَى عُمَّالِهِ: أَنْ صَلُّوا الظُّهْرَ إذَا كَانَ الْفَيْءُ ذِرَاعًا إلَى أَنْ يَكُونَ ظِلُّ أَحَدِكُمْ مِثْلَهُ.

ولحديث : ( حَتَّى سَاوَى الظِّلُّ التُّلُولَ ) البخاري (629)

ويتخرّج فيها قول خامس كما ظاهر كلام الشيخ خليل في التوضيح

الخامس : لا يزاد على ذراع كما فال ابن رشد وابن هارون لظاهر المدونة فظاهر المدوّنة أنه لا يزاد عَلَى ذراع ؛ لأنه فِي " المدوّنة " لَمْ يتكلم عَلَى الإبراد، وإنما تكلّم عَلَى التأخير لاجتماع الناس كما فسّره الباجي.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ في المدونة قَالَ مَالِكٌ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُصَلِّيَ النَّاسُ الظُّهْرَ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَالْفَيْءُ ذِرَاعٌ. أهـ. أيْ: رُبْع القامة. 

ويتحصّل الحكم كما يلي: يُنْدَبُ لِمَنْ يَنْتَظِرُ جَمَاعَةً أَوْ كَثْرَتَهَا أَنْ يُؤَخِّرَ لِرُبْعِ الْقَامَةِ لِتَحْصِيلِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ. فَلَوْ كَانَ الْوَقْتُ وَقْتَ شِدَّةِ الْحَرِّ نُدِبَ تَأْخِيرُهَا لِلْإِبْرَادِ حَتَّى تَتَفَيَّأَ الْأَفْيَاءُ لنصفها

(  14) فيها : في المدونة

يُنْدَبُ لِلْقَبَائِلِ وَالْحَرَسِ تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ بَعْدَ الشَّفَقِ زَمَنًا قَلِيلًا لِيَجْتَمِعَ النَّاسُ لَهَا، لِأَنَّ شَأْنَهُمْ التَّفَرُّقُ؛. وَالرَّاجِحُ التَّقْدِيمُ مُطْلَقًا، فَلِذَلِكَ تَرَكَهُ الشيخ خليل بقوله مطلقا فالظاهر انه ضعّفه.

(  15) اِخْتَصَّتِ الرَّكْعَةُ بِذَلِكَ لِاِشْتِمَالَهَا عَلَى مُعْظَمِ أَفْعَالِ الصَّلَاَةِ، إِذْ مُعْظَمِ الْبَاقِي تَكْرَارٌ لَهَا

( 16 ) للردِّ على الأحنافِ في قَوْلهِمْ وَكُلُّ صَلَاَة شَرَعَ فِيهَا ثُمَّ تَعَرَّضَت لِلشُّرُوق أَوْ الْاِسْتِوَاء أَوْ الْغُرُوب فَسَدُتْ . وَعِنْدَ الْإمَام أَبِي حَنِيفَة وَالْإمَام مُحَمَّد لَوْ أَشْرَقَت الشَّمْس وَهُوَ فِي صَلَاَة الْفَجْر بَطَلَت صِلَاتهُ وَصَحَّت مَعَ الْكَرَاهَة التَّحْرِيمِيَّة عِنْدَ الْإمَام أَبِي يوسف. 


الشيخ د. زياد حبوب أبو رجائي