بسم الله الرحمن الرحيم
وبه استعين
والحمد لله رب العالمين
لا احصي ثناء عليه هو كما اثنى على نقسه
واصلي واسلم وابارك على سيدي رسول الله المعلم الاول والهادي الى الصراط المستقيم وعلى اله الطبيبن الطاهرين واصحابه الغر الميامبن رضي الله عنهم اجمعين وعنا بهم الى يوم الدين
ايها الاخوة الاحبة
اعلموا انه من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين
فالفقه سبب لهذا الخير العميم من الله
قال تعالى وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيرا
قال الامام مالك : الفقه في الدين
واعلموا أن (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ)
(وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ)
هذِهِ المدونة، نهجتُ فيْهَا سبيْلَ الإيْجَاز والإختصَار، ,غايَتي مِن ذلِك توصيل المعلومة للمسلم باقصر الطرق
وألحقتُ بذلك الادلة
والشواهد من الكتاب والسنة المطهرة، وأثر الصحابة رضوان الله عليهم، وذكرتُ ائمة وفقهاء المذاهب الاربعة في منهج الاستدلال لديهم
ا وركزت على مواضع الخلاف بين المذاهب الاربعة وحرصت على منهجيه فيها اظهار الاجماع ....
سائلاً اللهَ عزَّوجل الإعَانَة ، واللطف في الأمر كلِّهِ ، وأنْ يَجعلَ مَا اكتبُهُ خالصَاً لوجههِ الكريْم
....وان يختم لي بالصالحات وحسن المآب معافاً في ديني وسالما في معتقدي
اللهم امين
الشيخ د. زياد حبوب أبو رجائي

عدم جواز التمييز للعدد المركب جمعا

زياد أبو رجائي
قال تعالى في سورة الأعراف:160 :
[وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ المَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ]
إن العدد المركب في الآية الكريمة هو ( اثنتي عشرة) ، إلا أن أسباطا ليست تمييزاً هنا لأن النحاة([1]) وهذا اختيار سيبويه كما نقله الزجاج([2]) يوجبون إفراد تمييز العدد المركب ، فالقاعدة : عدم جواز مجيء التمييز في النحو جمعاً وإنما يكون مفرداً([3])، وأشار ابن مالك في ألفيته بنحو ذلك :
وميز العشرين للتسعينا بواحد كأربعين حينا
وميزوا مركبا بمثل ما ميز عشرون فسوينهما
ومن القرائن الأخرى التي صرفت لفظة « أسباطاً » من التمييز إلى البدل : كون التأنيث جلي في العدد المركب في قوله تعالى : اثنتي عشرة ، وهذه صيغة تانيث ، بينما (أسباطاً ) جمع مذكر سالم أي : أنَّ المعدودَ مُذَكَّر ، فقد أُسند التأنيث وحُمل على «لفظ :أمماً» ومنهم من حمله على الفعل «قطعناهم» أي:من القطعة ؛ فقال بعض نحويي الكوفة: إنما قال «الاثنتي عشرة» بالتأنيث، و«السبط» مذكر، لأن الكلام ذهب إلى «الأمم»، فغُلّب التأنيث، وإن كان «السبط» ذكرًا([4]) ، ومنهم الفراء([5]) فقد قال :إنما أنّثت الاثنتا عشرة، و السبط ذُكّر، لذكر الأمم ، والصواب من القول في ذلك أنّ «الاثنتي عشرة» أنثت لتأنيث «القطعة»، ومعنى الكلام: وقطعناهم قِطَعًا اثنتي عشرة. وفيه تقديم وتأخير كما يظهر
وعليه فإن النحاة اختلفوا في إعراب أسباطاً في الآية الكريمة كون أسباطاً جمعاً ومفردها سبطاً ، لذلك يكون لفظ( أسباطاً )
1- بدلاً من العدد المركب ، والتمييز هنا محذوف لفهم المعنى وتقديره فرقة أو مجموعة ، فيكون المعنى : وقطعناهم اثنتي عشرة مجموعةً أسباطاً . ومن أصحاب هذا المذهب :
السيوطي ، النسفي ، أبو السعود ، الثعالبي ، ابن عطية ،
2- صفةً أقيمت مقام الموصوف([6]) ، والموصوف هنا محذوف وتقديره فرقة أو مجموعة ، فيكون المعنى : وقطعناهم اثنتي عشرة مجموعة أسباطاً.
3- حال : قال به صاحب تفسير اللباب و ابن عاشور من المتأخرين في تفسيره «التحرير والتنوير» ، لأن قطعناهم فعل متعدِ لواحد ، وهذا إسناد لظاهر الفعل ([7])
إلا أن الشوكاني ([8])، أجاز وقوع ( أسباطاً ) تمييزاً كما ذهب الفراء([9])نحو ذلك أخذاً بظاهر الآية الكريمة
وقد اعتمد بعض النحاة على اعتبار أسباطاً وقعت موضع المفرد وليست الجمع ويراد بها قبيلة كما في الكشاف للزمخشري وتابعه في ذلك الرازي في مفاتيح الغيب والألوسي في روح المعاني ؛ فقالوا أن المراد وقطعناهم اثنتي عشرة قبيلة لأن كلمة أسباط استعملت في كل جماعة من بني اسرائيل كالقبيلة في العرب ، فهي مساوية لها في المعنى
ومن أمثلة إفراد التمييز للعدد المركب :
1-قوله تعالى : [إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا] {يوسف:4} ، فكوكب مفرد و جمعها كوكب اثنا عشر ، لذا فإن كوكباً هي تمييز
2-[إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ] {التوبة:36} ، والتمييز هنا شهراً لمجيئها مفردا وجمعها شهور كما هو معلوم.
3-[ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا] {البقرة:60} ، والتمييز هو : عيناً لأنها مفرد والجمع :عيون
بقي أن نقول ان تقطيع بني اسرائيل لحكمة رحمته تعالى ونعمته على بني اسرائيل ، والمراد به التقسيم ، وليس المراد بهذا الخبر الذم والعقاب قال العلامة ابن عثيمين : في تفسير سورة البقرة :
هذا من رحمة الله - تبارك وتعالى - ببني إسرائيل، ولهذا أشار الله سبحانه وتعالى إلى هذه النعمة بقوله: { قد علم كل أناس مشربهم }: كل أناس من بني إسرائيل.
ونقل ابن عاشور : وهو من محاسن سياسة الشريعة الموسوية ، ومن مقدمات نظام الجماعة كما فصله السفر الرابع ، وهو سفر عدد بني إسرائيل وتقسيمهم .


[1] ) توضيح المقاصد والمسالك 4/313
[2] ) اعراب القران للزجاج 3/905
[3] ) وهذ ما ذهب إليه النحويون أمثال ابن الحاجب (انظر روح المعاني ) وكذلك الألوسي ، وأبو حيان (البحر المحيط ) وأبو السعود في تفسيره وابن الأنباري في البيان في غريب إعراب القرآن ص:376 ، وأبو جعفر النحاس في إعراب القرآن ص:644 والعكبري في –إملاء ما من به الرحمن287
[4] ) نقله الطبري في تفسيره سورة الاعراف 160
[5] ) معاني القرآن 1 : 397
[6] ) اختيار الجرمي راجع توضيح المقاصد والمسالك 4/315
[7] ) وقد تكلف البعض في حمل الفعل قطعناهم على المعنى أي صيرناهم لأنه متضمن فيه ، لذلك أجازوا بذلك التعدي لمفعولين فيصبح اثنتي عشرة مفعول به ثاني للفعل قطعناهم المتضمن الصيرورة.
[8] ) فتح القديبر ص:256 جزء2
[9] ) انظر همع الهوامع1/253