بسم الله الرحمن الرحيم
وبه استعين
والحمد لله رب العالمين
لا احصي ثناء عليه هو كما اثنى على نقسه
واصلي واسلم وابارك على سيدي رسول الله المعلم الاول والهادي الى الصراط المستقيم وعلى اله الطبيبن الطاهرين واصحابه الغر الميامبن رضي الله عنهم اجمعين وعنا بهم الى يوم الدين
ايها الاخوة الاحبة
اعلموا انه من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين
فالفقه سبب لهذا الخير العميم من الله
قال تعالى وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيرا
قال الامام مالك : الفقه في الدين
واعلموا أن (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ)
(وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ)
هذِهِ المدونة، نهجتُ فيْهَا سبيْلَ الإيْجَاز والإختصَار، ,غايَتي مِن ذلِك توصيل المعلومة للمسلم باقصر الطرق
وألحقتُ بذلك الادلة
والشواهد من الكتاب والسنة المطهرة، وأثر الصحابة رضوان الله عليهم، وذكرتُ ائمة وفقهاء المذاهب الاربعة في منهج الاستدلال لديهم
ا وركزت على مواضع الخلاف بين المذاهب الاربعة وحرصت على منهجيه فيها اظهار الاجماع ....
سائلاً اللهَ عزَّوجل الإعَانَة ، واللطف في الأمر كلِّهِ ، وأنْ يَجعلَ مَا اكتبُهُ خالصَاً لوجههِ الكريْم
....وان يختم لي بالصالحات وحسن المآب معافاً في ديني وسالما في معتقدي
اللهم امين
الشيخ د. زياد حبوب أبو رجائي

جواز جر التمييز الذي أصله فاعل


د. زياد حبوب أبو رجائي
زياد أبو رجائي
وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ (التوبة:92)
قوله سبحانه : { وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدمع حَزَنا } في موضع الحال من : الضمير( هم ) العائد من الفعل{ تَوَلَّوْاْ }
{ مِنْ } : للبيان أي: بيان ما قد أبهم مما قد يبين بمجرد التمييز لأن معنى تفيض العين يفيض شيء من أشياء العين؛ والتمييز رفع إبهام ذلك الشيء فكذا من الدمع.
و(من) مع المجرور في محل نصب على التمييز وهو محول ومنقول عن الفاعل ؛ أي: ان أصل الكلام أعينهم يفيض دمعُها. ثم قلبت ( أعينهم تفيض دمعاً ) ؛ وللأسلوب البلاغي المعهود في كتابه العزيز أسند الفعل إلى غير الفاعل وجعله تمييزاً سلوكاً لطريق التبيين بعد الإبهام ؛ حيث العين جعلت كأنها دمع فائض واسلوب التبيين أو البيان أفاده هنا كلمة :(من) ؛ فإن ( من ) : للبيان وهي مع المجرور في محل النصب على التمييز وهو أبلغ من يفيض دمعها ، لأنه يدل على أن العين صارت دمعاً فياضاً(1) ، لأنّ العين جعلت كأنّها كلّها دمع فائض، فالعينَ بعينها صارت دمعاً فيّاضا. كقولك : أفديك من رجل ، ومحل الجار والمجرور النصب على التمييز .والمرادُ : المبالغةُ في وصفهم بالبكاءِ.
إلا ان البصريين لا يجوزن ذلك لأنّ التمييز الذي أصله فاعل لا يجوز جره بمن ، وأيضاً فإنه معرفة ، ولا يجوز إلا على رأي الكوفيين الذين يجيزون مجيء التمييز معرفة
وتعقبه أبو حيان - في البحر المحيط - بأن التمييز الذي أصله فاعل لا يجوز جره بمن . إلا ان ذلك الرأي مردود عليه لوروده في قوله تعالى هنا فقي هذه الآية. وتجويزه من قبل الكوفيين.
والحزن يستند إلى العين كالفيض فلا يقال : كيف ذاك وفاعل الفيض مغاير لفاعل الحزن ومع مغايرة الفاعل لا نصب ، وقيل : جاز ذلك نظراً إلى المعنى إذ حاصله تولوا وهم يبكون حزناً وجوز نصبه على الحال من ضمير { تَفِيضُ } أي حزينة وعلى المصدرية لفعل دال عليه ما قبله أي لا تحزن حزناً والجملة حال أيضاً من الضمير المشار إليه وقد يكون تعلق ذلك على احتمالات بتولوا أي تولوا للحزن أو حزنين أو يحزنون حزناً .
قوله : « حَزَناً » في نصبه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنَّهُ مفعولٌ من أجله ، والعاملُ فيه « تَفِيضُ » قاله أبو حيان . لا يقال : إنَّ الفاعل هنا قد اختلف ، فإنَّ الفيض مسند للأعين ، والحزنَ صادرٌ من أصحاب الأعين ، وإذا اختلف الفاعل وجب جرُّه بالحرف؛ لأنَّا نقول : إنَّ الحزنَ يُسندُ للأعين أيضاً مجازاً ، يقال : عين حزينةٌ وسخينةٌ ، وعين مسرورةٌ وقريرة ، في ضد ذلك . ويجوز أن يكون النَّاصب له « تولَّوا » ، وحينئذٍ يتَّحدُ فاعلا العلَّةِ والمعلولِ حقيقةً .
الثاني : أنَّهُ في محلِّ نصبٍ على الحال ، أي : تولَّوا حزينين ، أو تفيض أعينهم حزينةً ، على ما تقدَّم من المجاز .
الثالث : أنه مصدر ناصبُه مقدرٌ من لفظه ، أي : يحزنون حزناً ، قاله أبو البقاء . وهذه الجملةُ التي قدَّرها ناصبة لهذا المصدر هي أيضاً في محلِّ نصبٍ على الحال ، إمَّا من فاعل « تولَّوا » ، وإمَّا من فاعل « تَفِيضُ » .
ورد لفظ التَّولِّي في القرآن على أربعة أوجه :
الأول : بمعنى الانصراف ، قال تعالى : { تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ } [ التوبة : 92 ] ومثله قوله تعالى { ثُمَّ تولى إِلَى الظل } [ القصص : 24 ] أي : انصرف .
الثاني : بمعنى : « أبَى » ، قال تعالى { فَإِن تَوَلَّوْاْ فاعلم أَنَّمَا يُرِيدُ الله أَن يُصِيبَهُم } [ المائدة : 49 ] أي : أبَوْا أن يؤمنوا؛ ومثله قوله تعالى { فَإِنْ تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ واقتلوهم } [ النساء : 89 ] .
الثالث : بمعنى : « أعرض » قال تعالى { وَمَن تولى فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً } [ النساء : 80 ] .
الرابع : الإعراض عن الإقبال ، قال تعالى { فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأدبار } [ الأنفال : 15 ] .
التفسير:
والفيض والفيضان : خروج الماء ونحوه ؛ أي تسيل بشدة وانصباب عن امتلاء.
وهذه نزلت في العرباض بن سارية . وقيل : في عبد الله بن مغفل . وقيل : في عائذ بن عمرو . وقيل : في أبي موسى الأشعري ورهطه . وقيل : في تسعة نفر من بطون شتى فهم البكاؤون وهم : سالم بن عمير من بني عمرو من بني عوف ، وحرمي بن عمرو من بني واقف ، وأبو ليلى عبد الرحمن بن كعب من بني مازن بن النجار ، وسلمان بن صخر من بني المعلى وأبو رعيلة عبد الرحمن بن زيد بن بني حارثة ، وعمرو بن غنمة من بني سلمة ، وعائذ بن عمرو المزني . وقيل : عبد الله بن عمرو المزني . وقال مجاهد : البكاؤون هم بنو بكر من مزينة . وقال الجمهور : نزلت في بني مقرن ، وكانوا ستة إخوة صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس في الصحابة ستة إخوة غيرهم .
واختُلف في عددهم وأسمائهم ، فروى أبو صالح عن ابن عباس قال : هم ستة : عبد الله بن مغفَّل ، وصخر بن سلمان ، وعبد الله بن كعب الأنصاري ، وعُلَيَّة بن زيد الانصاري ، وسالم بن عُمير ، وثعلبة بن عنمة ، أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحملهم ، فقال : « لا أجد ما أحملكم عليه » فانصرفوا باكين . وقد ذكر محمد بن سعد كاتب الواقدي مكان صخر بن سلمان : سلمة بن صخر ، ومكان ثعلبة بن عنمة : عمرو بن عنمة . قال : وقيل : منهم معقل بن يسار . وروى أبو إسحاق عن أشياخ له : أن البكَّائين سبعة من الأنصار : سالم بن عُمير ، وعُلَية بن زيد ، وأبو ليلى عبد الرحمن بن كعب ، وعمرو بن الحُمام بن الجموح ، وعبد الله بن مغفَّل ، وبعض الناس يقول : بل ، عبد الله بن عمرو المزني ، وعِرباض بن سارية ، وهرميّ ابن عبد الله أخو بني واقف . وقال مجاهد : نزلت في بني مقرّن ، وهم سبعة؛ وقد ذكرهم محمد بن سعد فقال : النعمان بن عمرو بن مقرن ، وقال أبو خيثمة : هو النعمان بن مقرن ، وسويد بن مقرن ، ومعقل بن مقرّن ، وسنان بن مقرّن ، وعقيل بن مقرّن ، وعبد الرحمن بن مقرن ، وعبد الرحمن بن عقيل بن مقرن ، وقال الحسن البصري : نزلت في أبي موسى وأصحابه .
وفي الذي طلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحملهم عليه ثلاثة أقوال .
أحدها : أنه الدواب ، قاله ابن عباس . والثاني : الزاد ، قاله أنس بن مالك . والثالث : النعال قاله الحسن .
وقصة أبي موسَى الأشعريِّ ورَهْطِهِ مذكورةٌ في الصَّحيح(2) ، قال ابنُ العربيِّ في «أحكامه» : القول بأن الآية نزلَتْ في أبي موسَى وأصحابه هو الصحيحُ ؛ زاد البخاري : فلما رجع أبو موسى وأصحابه ، أُتي عليه الصلاة والسلام بِنَهَب إبل ، فدعاهم وحملهم عليها ، فقالوا : يا رسول الله ، إِنَّكَ حَلَفتَ أَلا تِحْمِلنَا ، فخفنا أن نكون أغفلناك يمينك ، فقال : « ما أنا حملتكم ، ولكن الله حملكم ، وإنِّي والله ، ما أحْلِفُ على يَمِينٍ فَأرَى خَيْراً مِنْها إلا كَفّرْتُ عن يَمِيني وأَتَيتُ الذي هُوَ خَيْر » . أو كما قال عليه الصلاة والسلام .
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ غَيْلاَنَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ بْنِ أَبِى مُوسَى عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى رَهْطٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ أَسْتَحْمِلُهُ فَقَالَ « وَاللَّهِ لاَ أَحْمِلُكُمْ ، مَا عِنْدِى مَا أَحْمِلُكُمْ » . ثُمَّ لَبِثْنَا مَا شَاءَ اللَّهُ ، فَأُتِىَ بِإِبِلٍ فَأَمَرَ لَنَا بِثَلاَثَةِ ذَوْدٍ(3) ، فَلَمَّا انْطَلَقْنَا قَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ لاَ يُبَارِكُ اللَّهُ لَنَا ، أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَسْتَحْمِلُهُ فَحَلَفَ أَنْ لاَ يَحْمِلَنَا فَحَمَلَنَا . فَقَالَ أَبُو مُوسَى فَأَتَيْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ « مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ بَلِ اللَّهُ حَمَلَكُمْ ، إِنِّى وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا ، إِلاَّ كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِى ، وَأَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ » .

(1) قال الزمخشري : هنا وأعينهم تفيض من الدمع كقولك : تفيض دمعاً ، وهو أبلغ من يفيض دمعها ، لأن العين جعلت كأن كلها دمع فائض .
(2) أطرافه 3133 ، 4385 ، 4415 ، 5517 ، 5518 ، 6623 ، 6649 ، 6678 ، 6680 ، 6719 ، 6721 ، 7555 - تحفة 9122
(3) الذود : من الإبل ما بين الثنتين إلى التسع وقيل ما بين الثلاث إلى العشر