بسم الله الرحمن الرحيم
وبه استعين
والحمد لله رب العالمين
لا احصي ثناء عليه هو كما اثنى على نقسه
واصلي واسلم وابارك على سيدي رسول الله المعلم الاول والهادي الى الصراط المستقيم وعلى اله الطبيبن الطاهرين واصحابه الغر الميامبن رضي الله عنهم اجمعين وعنا بهم الى يوم الدين
ايها الاخوة الاحبة
اعلموا انه من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين
فالفقه سبب لهذا الخير العميم من الله
قال تعالى وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيرا
قال الامام مالك : الفقه في الدين
واعلموا أن (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ)
(وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ)
هذِهِ المدونة، نهجتُ فيْهَا سبيْلَ الإيْجَاز والإختصَار، ,غايَتي مِن ذلِك توصيل المعلومة للمسلم باقصر الطرق
وألحقتُ بذلك الادلة
والشواهد من الكتاب والسنة المطهرة، وأثر الصحابة رضوان الله عليهم، وذكرتُ ائمة وفقهاء المذاهب الاربعة في منهج الاستدلال لديهم
ا وركزت على مواضع الخلاف بين المذاهب الاربعة وحرصت على منهجيه فيها اظهار الاجماع ....
سائلاً اللهَ عزَّوجل الإعَانَة ، واللطف في الأمر كلِّهِ ، وأنْ يَجعلَ مَا اكتبُهُ خالصَاً لوجههِ الكريْم
....وان يختم لي بالصالحات وحسن المآب معافاً في ديني وسالما في معتقدي
اللهم امين
الشيخ د. زياد حبوب أبو رجائي

والله خلقكم وما تعملون

هذه الآية هي في محل نصب على الحال من فاعل تعبدون في الآية السابقة :« أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ »

هذه المسألة من أكبر المسائل التي تضاربت فيها الآراء؛ إذ اختلف المفسرون في تأويل « ما » فمنهم من اعتبرها مصدرية ومنهم من اعتبرها موصولة . لكثرة دخول المصدرية على الموصولة ؛ ويصلح أحدهما في الموضع الذي يصلح فيه الآخر وربما احتملها كلام واحد ولا يميز بينهما فيه إلا بنظر وتأمل .

فإن كان قوله"ما" بمعنى المصدر، فيكون معنى الكلام حينئذ: والله خلقكم وعملكم. فعليه أنَّه بمعنى المفعولِ وفيه دليل على أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى ، قال البيضاوي :« وبهذا المعنى تمسك أصحابنا على خلق الأعمال ولهم أن يرجحوه »وقد احتج الأشاعرة على أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى بهذه الآية على أن تكون ما } مصدرية .وقال ابن القيم – رحمه الله - «بدائع الفوائد»: «ظن كثير من الناس أن قوله تعالى والله خلقكم وما تعملون ، أن «ما» مصدرية واحتجوا بها على خلق الأعمال وليست مصدرية وإنما هي موصولة والمعنى والله خلقكم وخلق الذي تعملونه وتنحتونه من الأصنام فكيف تعبدونه وهو مخلوق لله ولو كانت مصدرية لكان الكلام إلى أن يكون حجة لهم أقرب من أن يكون حجة عليهم إذ يكون المعنى أتعبدون ما تنحتون والله خلق عبادتكم لها فاي معنى في هذا وأي حجة عليهم » وقال ابن تيمية – رحمه الله - « منهاج السنة النبوية » : «عند القدرية أن المتولد عن فعل العبد فعله لا فعل الله فيكون هذا النحت والتصوير فعلهم لا فعل الله فإذا ثبت أن الله خلقها بما فيها من التصوير والنحت ثبت أنه خالق ما تولد عن فعلهم والمتولد لازم للفعل المباشر وملزوم له وخلق أحد المتلازمين ويسلتزم خلق الآخر فدلت الآية أنه خالق أفعالهم القائمة بهم وخالق ما تولد عنها وخالق الأعيان التي قام بها المتولد ولا يمكن أن يكون أحد المتلازمين عن الرب والآخر عن غيره فإنه يلزم افتقاره إلى غيره»

وإن كانت «ما» بمعنى"الذي" اسم موصول؛ والاسم الموصول يفيد العموم، و { تَعملُونَ } صلة الموصول ،فيكون معنى الكلام عند ذلك: والله خلقكم والذي تعملونه: أي والذي تعملون منه الأصنام، وهو الخشب والنحاس والأشياء التي كانوا ينحتون منها أصنامهم. والظاهر أن ما موصولة بمعنى الذي معطوفة على الضمير في خلقكم ، أي أنشأ ذواتكم وذوات ما تعملون من الأصنام ، والعمل هنا هو التشكيل ، ويحمل ذلك على أن ما بمعنى الذي يتم الاحتجاج عليهم ، بأن كلاً من الصنم وعابده هو مخلوق لله تعالى ؛ وإنه تعالى خلق العابد والمعبود مادة وصورة فكيف يعبد المخلوق المخلوق!

ويجوز أن تكون استفهامية ، ومعنى الاستفهام : التوبيخ ، والتقريع ، أي : وأي شيء تعملون .

ويجوز أن تكون نافية ، أي : إن العمل في الحقيقة ليس لكم ، فأنتم لا تعملون شيئاً.

فعلى هذا لا يصح في تأويل قوله تعالى والله خلقكم وما تعملون إلا قول أهل السنة أن المعنى والله خلقكم وأعمالكم ولا يصح قول المعتزلة والقدرية من جهة المنقول ولا من جهة المعقول حيث يجوز ان تكون «ما» مع الفعل الخاص مصدرا ؛ والذي ذهبوا إليه فاسد محال .وقال شيخ الاسلام ابن تيمية – رحمه الله – في « المجموع» : وأنه لا خالق إلا الله وأن أعمال عباد الله مخلوقة لله مقدورة له.