بسم الله الرحمن الرحيم
وبه استعين
والحمد لله رب العالمين
لا احصي ثناء عليه هو كما اثنى على نقسه
واصلي واسلم وابارك على سيدي رسول الله المعلم الاول والهادي الى الصراط المستقيم وعلى اله الطبيبن الطاهرين واصحابه الغر الميامبن رضي الله عنهم اجمعين وعنا بهم الى يوم الدين
ايها الاخوة الاحبة
اعلموا انه من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين
فالفقه سبب لهذا الخير العميم من الله
قال تعالى وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيرا
قال الامام مالك : الفقه في الدين
واعلموا أن (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ)
(وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ)
هذِهِ المدونة، نهجتُ فيْهَا سبيْلَ الإيْجَاز والإختصَار، ,غايَتي مِن ذلِك توصيل المعلومة للمسلم باقصر الطرق
وألحقتُ بذلك الادلة
والشواهد من الكتاب والسنة المطهرة، وأثر الصحابة رضوان الله عليهم، وذكرتُ ائمة وفقهاء المذاهب الاربعة في منهج الاستدلال لديهم
ا وركزت على مواضع الخلاف بين المذاهب الاربعة وحرصت على منهجيه فيها اظهار الاجماع ....
سائلاً اللهَ عزَّوجل الإعَانَة ، واللطف في الأمر كلِّهِ ، وأنْ يَجعلَ مَا اكتبُهُ خالصَاً لوجههِ الكريْم
....وان يختم لي بالصالحات وحسن المآب معافاً في ديني وسالما في معتقدي
اللهم امين
الشيخ د. زياد حبوب أبو رجائي

اجتهاد الصحابة ان يدفن الرسول في المسجد


د. زياد حبوب أبو رجائي
في كتاب الجنائز من موطأ مالك (27/231) أن مالكا بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء. وصلى الناس أفذاذا لا يؤمهم أحد. 
فقال ناس: يدفن عند المنبر. 
وعند ابن سعد : فلما فرغوا من الصلاة تكلموا في موضع قبره ( فقال ناس : يدفن عند المنبر ) ; لأن عنده روضة من رياض الجنة فناسب دفنه عنده
وقال آخرون: يدفن بالبقيع. فجاء أبو بكر الصديق فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما دفن نبي قط إلا في مكانه الذي توفي فيه 
قال الحافظ ابن عبد البر: صحيح من وجوه مختلفة 

وفي كتاب الجنائز من جامع الترمذي  حديث عائشة: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم [اختلفوا في دفنه]
فقال أبو بكر: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ما نسيته: ما قبض الله نبيا إلا في الموضع الذي يجب أن يدفن فيه. ادفنوه في موضع فراشه. 

وفي كتاب الجنائز من سنن ابن ماجه  عن ابن عباس: لقد [اختلف المسلمون] في المكان الذي يحفر له فقال قائلون: [يدفن في مسجده ]
وقال قائلون: يدفن مع أصحابه فقال أبو بكر إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما قبض نبي إلا دفن حيث يقبض. ورواه ابن إسحاق (في السيرة لابن هاشم 3: 103 بولاق) من حديث عكرمة عن ابن عباس. 
وانظر البداية والنهاية للحافظ ابن كثير (5: 266 ـ 268) 

الصواب اطلاق ان الموطأ صحيح لا يستثنى منه شيء كما قال الحافظ السيوطي رحمه الله
قال الحافظ الإمام السيوطى رحمه الله فى كتابه تنوير الحوالك شرح موطأ مالك (1 / 8): (وقال الحافظ ابن حجر: كتاب مالك صحيح عنده وعند من يقلده على ما اقتضاه نظره من الاحتجاج بالمرسل والمنقطع وغيرهما.
قلت(السيوطي): ما فيه من المراسيل فإنها مع كونها حجة عنده بلا شرط، وعند من وافقه من الائمة على الاحتجاج بالمرسل-وهم من عدا الشافعي- فهي أيضا حجة عندنا -الشافعية- لأن المرسل عندنا حجة إذا اعتضد، 
وقال : [وما من مرسل في الموطأ إلا وله عاضد أو عواضد ... فالصواب إطلاق أن الموطأ صحيح لا يستثنى منه شئ) أهـ

الشاهد هنا:
اختلاف الصحابة في مكان دفته فمنهم من قال بدفنه في المسجد وعند منبره ولم ينكر عليهم ابو بكر الصديق هذا الاجتهاد ولم يرفضها كما جاء في سياق الروايات بل كان همه رضي الله عنه انفاذ وصية رسول الله ان يدفن في مكان وفاته صلى الله عليه وسلم مع حرص الصديق الا يكون ذلك ذريعة لعبادة رسول الله اذا جعلوا ثبره مسجدا اي ان يسجدوا لقبره تعظيما والشاهد ان عائشة رضي الله عنها قالت تعليلا لاختيار الصديق اخراجه من المسجد: (فلولا ذاك أبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا)
وقذ سد ذريعة اخراجه الى البقيع حيث كانت عادة العرب اذا اراد طلب الحماية ان يدخل على شيوخ العشائر او ان يلوذوا بقبر احد زعماء العشيرة يطلب حمايته ... 
قال أبو بكر : إنا نكره أن يخرج قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البقيع فيعوذ به من الناس .

وبعد دفنه في حجرة عائشة الملتصقة في المسجد وتم توسيع المسجد  وضم الحجرة الى المسجد النبوي بعد ان رأى عمر بن عبدالعزيز ان الذريعة انتفت ولم يبقى مجال ان يسجد المسلمون لقبره صلى الله عليه وسلم فقام بجعل القبر داخل المسجد ..
ولم يذكر لنا التاريخ ان هناك من قام بالسجود ةجعل القبر مسجد يسجدوا لذاته الشريفة بل كل من يذهب لزيارته يصلى لله تعالى في روضته الشريفة ثم يقوم بالسلام عليه ....

الا ان نابتة من نوابت التطرف واحادية النظرة  (التيمية والوهابية) يتلقفون كل رواية ويجرونها حسب منهجهم على ظاهر اللفظ ويظنون انفسهم قالوا بالحق وهم ابعد عن الحق .. فتراهم ينظرون الى الفعل المحض (السجود) ويحملونه على مظهر السجود في الصلاة بخلاف ما يقول به اهل السنة ان النظر الى اي فعل يجب ان يكون الى الفاعل ونيته ومقصوده في ذلك..
قال الشاطبي :- الأفعال والتروك إنما تعتبر من حيث المقاصد ؛ فإذا تعرت عن المقاصد فهي كأفعال الجمادات والعجماوات وليس لها تكيف شرعي)
وبيّن الإمام الشاطبي رحمه الله في الموافقات فقال: ( المقاصد: تفرق بين ما هو عادة وما هو عبادة، أن كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال.. لا يقع عبادة الا بنية التعبد به)

لذلك فان المساجد التي فيها قبور يجوز الصلاة فيها كما اجمع الائمة الاربعة علماء المذاهب المعتبرة عند اهل السنة
الحنفية 
قالوا :  اما اذا كان (القبر ) خلفه (المصلي) او فوقه او تحت ما هو واقف عليه فلا كراهة 
الشافعية
... قبور الشهداء والانبياء فان الصلاة لا تكره فيها مالم بقصد تعظيمهم والا حرم .
المالكية
قالوا الصلاة المقبرة جائزة بلا كراهة ان امنت النجاسة فان لم تؤمن النجاسة ففيه التفصيل المتقدم في الصلاة في المزبلة ونحوها.


وعليه يتضح :
 الصورة المنهي عنها
معنى السجود الذي استوجب اللعن، اي جعل القبر قبلة دون القبلة المشروعة، كما يفعل أهل الكتاب؛ حيث يتوجهون بالصلاة إلى قبور أحبارهم ورهبانهم
بمعنى أن يُجعل القبر نفسه مكانًا للسجود، ويسجد عليه الساجد لمن في القبر عبادة له، كما فعل اليهود والنصارى