كراهة السادة المالكية للتسوك داخل المسجد ... وما هو التخريج الفقهي لذلك .. نظرا لوجود حديث متفق عليه يقول عند كل صلاة ؟
الجواب: ونظرا لوجود اختلاف في متن الروايات الصحيحة! ...والخلاف لعدم وجود نص صريح فاستنبط الائمة من مجموع الادلة في باب السواك كل حسب منهجه في الاستنباط وتناول الحكم كما سابين تاليا :
فمثلا الحنابلة قالوا باستحبابه عند دخول المسجد.... اما المالكية فمنعوا ذلك في المسجد لعلة ان التسوك ما وجد الا لازالة الرائحة الكريهة للفم المحتملة عند المصلين في الجماعة لاكثر من سبب كطول الصمت واو اكل طعام برائحة كريهة او ازالة ما يعلق بين الاسنان بعد تناول الطعام....
اقول :
[1] . اتفق السادة المالكية على كراهة التسوك في المسجد: (ولا يستاك في المسجد، ولا بحضرة الناس)(الفواكه الدواني 1/265)
وكُره السواك في المسجدِ، من أجل ما يُلقى من الفم بأثرهِ (انوادر والزيادات 94/2) وهذا الحكم محمولٌ على ما كانَ عليهِ الصَّدْرُ الأول مِنْ كثرةِ تَعْظِيمِهِم للمساجِد واحترامها
[2] . الحنابلة : استحباب التسوك عند دخول المسجد
قياسا بحديث عائشة رضي الله عنها : بأي شئ كان يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته؟ قالت بالسواك رواه مسلم. والمسجد أولى من البيت.
مع عضد ذلك الاية {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} للعلة الكامنة من استعمال السواك او اثر العلة وهو التطيب...
[3] . وقبل كل شيء نثبت حكم السواك في المذاهب الاربعة:
1. (المالكية والاحناف) : محله المؤكد عند الوضوء
- المالكية: فضيلة عند الوضوء ومحله المؤكد قبل التسمية او عند المضمضة
- الاحناف: سنة مستحبة عند الوضوء ومحله المؤكد عند المضمضة
واذا نسي التسوك وتذكره في اخر الوضوء لا يأت به لفوات محله ويأتي به عند الصلاة لاحراز فضيلة سنة السواك
2. (الشافعية والحنابلة) : عند الوضوء وعند الصلاة:
- قبل التسمية للوضوء وقبل أن يتمضمض مستحب، ليُخرج ما تحلل منه داخل الفم.
- يُسنّ عند الصلاة قبل تكبيرة الاحرام لحديث (لأمرتهم ...مع كل صلاة).
و لا بأس بالسواك بعد الوضوء لمن نسيه..
[4]. والتخريج الفقهي كما يلي :
1. وان قيل مرضاة للرب فالجواب هذه ليس علة مستقلة في الحديث بل وصف لما قبلها والشاهد ان الاصل المغايرة للعطف بالواو لجمع بين متغايرين وهنا لا يوجد واو عطف
لذلك هو اقرب الى عطف البيان لايضاح بيان ما قبله لان هذا النوع من العطف يشبه الصفة ولانه يكشف عن المراد بالمتبوع (مطهرة) وثم تكون (مرضاة) هي علة للعلة ..
- وعلى قولكم أنه المقصود بالحكم لذلك فهو بدل (كل من كل) وأن كل ما صح أن يكون عطف بيان يصح أن يكون بدلا ... فهذا لا يستقيم من وجهين
أ ).ان البدل يشترط اذا حذف ان يؤثر على المبدل منه وهنا لا مؤثر
ب). مرضاة للرب هذه مبنى كل العبادات بل هذه علة مطردة في كل الشريعة ! فلا يمكن تخصيصها لهذا الحكم فكأنها تخصيص بغير مخصص مؤثر..
2. ان هذه العبادة معقولة المعنى فلها علة وحكمة وهي ازالة الاذى من رائحة كريهة للفهم محتملة من طول سكوته او لجوعه وتتعلّقُ في اوقات يغلب على الظنّ فيها أن تتغيّر رائحةُ الفمُ وليس اثر العلة هو التطيب من الطيب والزينة لحديث :-
«يَا مَعشَرَ المُسلِمِينَ! إِنَّ هَذَا يَومٌ جَعَلَهُ اللَّهُ ؛ فَاغتَسِلُوا، وَمَن كَانَ عِندَهُ طِيبٌ؛ فَلا يَضُرُّهُ أَن يَمَسَّ مِنهُ، وَعَلَيكُم بِالسِّوَاكِ)
والواو هنا للمغايرة كما هو الاصل فيها... فلا يمكن عطف طيب على السواك فانهما جنسان مختلفان...
ونقل في المغني (108/1) ان هذا متفق فيه بين العلماء (استعمال عود أو نحوه في الاسنان لا ذهاب التغير ونحوه (المجموع للنووي 1/269)
3. تقدم العلة على الاثر ...
كما ان الاثر هنا غير منضبط فلا يلزم منه حكما ... والعلة منضبطة كما جاءت في بعض الروايات واجماع اهل العلم لازالة الرائحة الكريهة من الفم.... وعليه كما تقررعند علماء الاصول تقدم المنضبطة على غير المنضبطة..
4. اما حديث (لولا أن أشق على أمتي - أو على الناس - لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة) يلزم منه عند تكبيرة الاحرام !!
1. فقد روي كذلك (عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ) ولفظ (عند) يقتضي في العبارة وقت كل صلاة (عند) لا تفيد الاصطحاب!! اما (مع) تفيد الاصطحاب ووقتها يبدأ من الآذان فيفعل في البيت قبل الخروج
2. في رواية مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ (رواه أحمد والنسائي إسناده صحيح على شرط الشيخين وموطأ مالك والشافعي في صحيح ابن حيمة ) فيحتمل ان تكون في البيت قبل الخروج للمنزل .. قال ابن عبدالبر : وَبِهَذَا اللَّفْظِ رَوَاهُ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ (التمهيد 194/7)
5. وفي رواية صحيحة بينت المحل بدقة يفهم منها وقت الصلاة وليس الصلاة: ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم مع الوضوء بالسواك عند كل صلاة.(صحيح ابن حبان 1069) مع تفيد الاصطحاب وعند لا تفيد كما تقرر في علم النحو....
لذلك فأنّ السّواك الذي يكون مع كلّ صلاةٍ، هو الذي يكون عند الوضوء لها كما في الاية اذا قمتم للصلاة فاغسلوا .... فعلم ان حديث عند الصلاة ارجح من حديث مع الصلاة
قال الاوراعي : أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ يُحَافِظُونَ عَلَى السِّوَاكِ مَعَ وُضُوءِ الصُّبْحِ وَالظُّهْرِ، وَكَانُوا يَسْتَحِبُّونَهُ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ
6. حديث عائشة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك - قال: "وخص بذلك دخوله بيته؛ لأنه مما لا يفعله ذوو المروءة بحضرة الجماعة، ولا يجب عمله في المسجد، ولا في المجالس الحافلة
قلت ولاحتمال ان يكون هذا بين الزوج والزوجة اقرب منه للعموم فيقتضى ان يتحبب كل منهما للاخر بمثل ازالة الرائحة الكريهة عند اللقاء الزوجي....
----**--*-*-*-*-----
من فقه التسوك على المذاهب الاربعة :
استكمالا للموضوع احب ان ابيّن لكم بعض الاحكام فيها:
1. منع الحنفية والمالكية والشافعية الإمساك بالسواك على هيئة القبضة .... بل تجعل الخنصر من يمينك أسفل السواك تحته والبنصر والوسطى والسبابة فوقه واجعل الإبهام أسفل رأسه تحته السواك
2. جواز السواك بغير العود عند المالكية والشافعية فالفرشاة والمعجون لهم حكم السواك يحصل السواك بكل طاهر لازالة التغيير في رائحة الفم
ومن فقه السادة الأحناف استحباب العلك للمرأة مكان السِّواك لانه يقوم مقامه لضغف اسنانهم (البحر الرائق 8/208)
3. الاحناف والمالكية : يحصل التسوك في الاصبع عند المضمضة
الشافعية والحنابلة: في الاصح لا يجزيء
4- اتفاقا بين الاربعة : يستحب التسوك عند الإنتباه من النوم لحديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك " رواه البخاري (1/98) ومسلم (1/220) ومعنى : يشوص فاه ، أي : يغسله ويدلكه
وعند تغير رائحة الفم سواء كان التغير بأكل ما له رائحة كريهة أو بسبب طول الجوع أو العطش أو غير ذلك : لأنه إذا كان السواك مطهرة للفم فإن مقتضى ذلك أن يتأكد السواك متى احتاج الفم إلى التطهير
5. نقل الامام النووي الاجماع على انه سنة (شرح مسلم 3/142)
6. وقد استدل من قال بمشروعيته عند المضمضة روي عن علي بن أبي طالب-رضي الله عنه-: (أنَّه دعا بكوز من ماء فغسل وجهه وكفيه ثلاثا، وتمضمض ثلاثا فأدخل بعض أصابعه في فيه... ثم قال: (كَذَا كَانَ وُضُوءُ نَبِيِّ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)الحديث. [رواه أحمد]. صححه احمد شاكر 2/217وحسنه الرباعي (فتح الغفار 67/1 ) قال له شواهد
7. اتفاقا بين المذاهب الاربعة : أن تَرْكَهُ لا يبطل وضوءًا ولا يبطل صلاةً
8. المالكية والشافعية والحنابلة : جواز الأصبع في الاستياك مطلقا، في رأي لكل من المالكية والشافعية والحنابلة ...ولكنه لا يحصل بالإصبع السنة في الأصح في مذاهبهم
الاحناف : تجزئ الأصبع عند عدم وجود غيرها، ... وهو رأي آخر لكل من المالكية والشافعية
9. الاحناف : يندب امساكه بيمينه ويبدأ بيمين الفم.ويستاك أعالي الأسنان وأسافلها ويستاك عرض أسنانه ويبتدئ من الجانب الأيمن
ومن خشي من السواك تحريك القيء تركه.....ويكره أن يستاك مضطجعا
10. الشافعية: يقوم الاصبع مقام السواك .. ويقوم القماش مقامه لو لف قطعة قماش خشنة على اصبعه
11. الحنابلة : مسنون مطلقا في جميع الاوقات
12. المالكية : عند الوضوء ، وعند الصلاة ، وعند قراءة القرآن ، وعند الإنتباه من النوم ، وعند تغير الفم ، وعند طول السكوت ، وعند كثرة الكلام ، وعند أكل مافيه رائحة
زادوا الشافعية : عند الحديث او ذكر الله وبعد الوتر
وزادوا الحنابلة : عند دخول المسجد وعند الغسل وعند اصفرار الاسنان وعند الجوع وهو مسنون مطلقا
.
[قال النووي: (السواك مستحب في جميع الأوقات لكن في خمسة أوقات أشد استحبابًا : عند الصلاة ، وعند الوضوء ، وعند قراءة القرآن ، وعند الاستيقاظ من النوم ، وعند تغير الفم، وتغيره يكون بأشياء منها : ترك الأكل والشرب ، ومنها أكل ما له رائحة كريهة ، ومنها طول السكوت وكثرة الكلام ) .]
[من فقه الأحناف استحباب العلك للمرأة مكان السِّواك لانه يقوم مقامه لضغف اسنانهم 25 تبيين الحقائق(1/331)، وانظر البحر الرائق(8/208)]
[أصح الوجهين:عند [ الحنابلة والشافعية] : يحصل السواك بكل طاهر مزيل ويقوم القماش مقامه لو لف قطعة قماش خشنة على اصبعهإصابة السنة بالخرقة. وعند الوضوء بالإصبع]
السواك بالأصبع فيه ثلاثة أوجه:
أصحها: لا يجزىء.
والثاني: يجزىء .
والثالث: أنه يجزيه إِن فقد غيرها ولا يجزىء مع إِمكان غيرها.(فتاوى النووي 22)السواك بالأصبع فيه ثلاثة أوجه:
أصحها: لا يجزىء.
والثاني: يجزىء .
والثالث: أنه يجزيه إِن فقد غيرها ولا يجزىء مع إِمكان غيرها.(فتاوى النووي 22)