السؤال : هل هناك تبرير للسادة الاحناف في عدم اخذهم بالمنصوص عليه من الاصناف في زكاة الفطر وغلبوا القيمة وهو مشهور مذهبهم ؟
الجواب :
اصول الفقه عند السادة الحنفية تحاكي منهجا قائما بذاته وهو اكثر المذاهب - برأيي المتواضع - الذي يحترم التنميط في الاحكام لكي تكون على نمط واحد فلا يكون مجالا لمعترض فيما لو توافقت اسباب ومسببات مسألتين فقهيتين مختلفتين ان يعتر لماذا هنا اجازو ولماذا هناك لم يجيزوا على الرغم من نفس المسألأة... لذلك تجد أصولهم الفقهية تجري على نمطية ملتزمة حتى انهم خرجوا كثيرا من المسائل على قواعد المذهب وقلما اختلفوا فيها لانه قواعد صارمة لا يمكن الروج عنها والا لا يتعتبر قولا في المذهب اذا جرى على وفق غير قواعد التخريج ... ومنها المسائل التي سميت بالنوازل والتي اغلبها لم يرد فيها نص عن الامام او صاحبيه ....
فهذه المسألة اخراج الزكاة نقدا لها عدة قواعد اصابوا في الكثير منها منها على وجه المثال لا للحصر لضيق الوقت ولكبر الموضوع مثل هذا يحتاج الى بحث عميق متعمق في الدلالات الاخرى غير المنصوص عليها منها :
1. فهم السلف للنص :
ورد عن كثير من السلف كيف تناولوا النص في المسألة
1. عن التابعي الجليل الحسن البصري : لابأس أن تعطى الدراهم في صدقة الفطر
والحسن قال: أدركت عشرة آلاف من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم
قلت : فاذا علمت ذلك.. ولم ينكر عليه أحد ...وسكوت الصحابة إقرار منهم على ذلك
2. عن التابعي الجليل أبي إسحاق السبيعي قال: أدركتهم وهم يعطون في صدقة رمضان الدراهم
اذا علمت ان السبيعي ولد عام 33 هجري .. ستعلم ما يقصد بقوله أدركتهم
لان التابعي يستدل اما بفعل او بفهم الصحابة ولا يستدل بتابعي احر وهي تصريح انه يروي عن نفسه بفعلها كذلك..
2. العلة في المسألة : الاغناء يقوم مقام النص لا حكم النص
قولهم إن النص ورد باصناف مخصوصة، فتجويز القيمة يعتبر حكم النص وهذا لا يجوز
والجواب أن الواجب في الحقيقة إغناء الفقير لقوله - صلى الله عليه وسلم - «أغنوهم عن المسألة في مثل هذا اليوم» ، والإغناء يحصل بالقيمة بل أتم وأوفر؛ لأنها أقرب إلى دفع الحاجة وبه تبين أن النص معلول بالإغناء وأنه ليس في تجويز القيمة يعتبر حكم النص في الحقيقة
3. النظر الى الداعي ومقتضى المنصوص
عليها في حديثه صلى الله عليه وسلم الحاجة إلى الطعام والشراب وندرة النقود في ذلك العصر ،حيث كانت أغلب مبايعاتهم بالمقايضة
4. قاعدة رعاية المعنى ومقاصد الشرع :
فإذا كانت المسألة وقوفاً على النص فيلزمهم أن يقتصروا على ما ورد به النص ولو لم يكن من قوت البلد وألا يجزئ عندهم إخراج القوت إذا كان من أصناف أخرى لم ينص عليه الحديث
وهي من قاعدة الحكم في المنصوص عليه يثبت بعين النص لا بمعنى النص وإنما يعتبر المعنى لإثبات الحكم في غير المنصوص
وهي من قاعدة الحكم في المنصوص عليه يثبت بعين النص لا بمعنى النص وإنما يعتبر المعنى لإثبات الحكم في غير المنصوص
5. قاعدة : المطلق والمقيد
اما اخراج القيمة فلا خلاف فيها بين الاربعة فس المشهور في المذاهب وعليه الفتوى
حساب قيمة اصناف اخرى لم ينص عليها رسول الله لاعتمادهم لفظ ورد في رواية صحيح "بالطعام" فهذا مطلق فقالوا جميعا يجوز اخراج ما قيمته مكيال صاع بغض النظر عن الوزن من اي طعام لاهل البلد... هذا متفق عليه اخراج القيمة ... لفعل معاوية رضي الله عنه عندما استبدل بالحنطة السمراء نصف صاع بدلا من صاع تمر (إني لأرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعاً من تمر) وقد خطب وكان في من حضر جمع كبير من الصحابة لم يرد اعتراض عليه بل الرواية تقول وعملوا بذلك...
الا رواية عن الحنابلة بعدم العدول عن المنصوص عليها وهي خمس اصناف عندهم وهي ليست المذهب..
والخلاف في حمل القيمة على المطلق دون تقييد ويدخل فيها الدراهم وهذا مذهب السادة الاحناف اما الثلاثة اتفقوا على عدم الاطلاق وانها مقيدة بالنصوص ....
ومن هنا يظهر جليا ان الاحناف ساروا وفق منهج رصين في الاستنباط لم يكسروه حتى يكون هناك تشابه في المناسبة فيما لو وردت مسألتين متشابهتين ....