إذا قال لامرأته اختاري نفسك ينوي بذلك الطلاق (يحتاج الى نية لانه كناية) فإن اختارت نفسها في قوله اختاري نفسك كانت واحدة بائنة ولا يكون ثلاثا وإن نوى الزوج ذلك . وقال الشافعي يكون ثلاثا إذا نوى ذلك
ولا بد من ذكر النفس في كلامه أو كلامها حتى لو قال اختاري فقالت اخترت فهو باطل
أو قال لها طلقي نفسك (لا يحتاج الى نية لان لقظ الطلاق صريح)
فلها أن تطلق نفسها ما دامت في مجلسها ذلك .فالأمر في يدها ما دامت في مجلسها وليس للزوج أن يرجع في ذلك ولا ينهاها عما جعل إليها ولا يَفْسَخُ قوله ، فإن قامت منه أو أخذت في عمل آخر خرج الأمر من يدها
إذا لم يكن الخيار مؤقتا أما إذا كان مؤقتا كما إذا قال لها اختاري نفسك اليوم أو هذا الشهر أو شهرا أو سنة فلها أن تختار ما دام الوقت باقيا سواء أعرضت عن المجلس أو اشتغلت بعمل آخر أو لم تعرض فهو سواء وإن قال يوما فهو من ساعة تكلم إلى مثلها من الغد وإن قال شهرا فهو من الساعة التي تكلم فيها إلى أن يستكمل ثلاثين يوما والخيار إذا كان مؤقتا يبطل بمضي الوقت سواء علمت أو لم تعلم بخلاف ما إذا كان غير مؤقت.
فإن طلقت نفسها في قوله طلقي نفسك فهي واحدة رجعية ؛ لأنه أمرها بصريح الطلاق وصريح الطلاق إذا لم يكن بائنا كان رجعيا
والاستثناءات من ذلك بالتفصيل التالي :
1. ما لم تقم منه وان طال ذلك المجلس ساعات او يوم او يومين .
2. أو تأخذ في عمل آخر
3. وإذا قام هو من المجلس
- إذا قامت من مجلسها قبل أن تختار نفسها؛ صارت مُعَرَّضَةً،
- وكذا إذا اشتغلت بعمل آخر يعلم أنه قاطع لما كان قبله
أولاً : ما يبطل خيارها: مثل : -
- إذا دعت بطعام لتأكله
- أو نامت
- أو امتشطت
- أو اغتسلت
- أو اختضبت
- أو جامعها زوجها
- أو خاطبت رجلا بالبيع أو الشراء
- وإن كانت قاعدة فقامت يبطل خيارها.لأن هذا إعراض
ثانياً : ما لا يبطل خيارها والأمر يبقى في يدها فهي على خيارها :
- إن أكلت لقمة أو لقمتين أو شربت جرعة أو جرعتين (فعل قليل)
- أو نامت قاعدة
- أو لبست ثيابا من غير أن تقوم
- أو فعلت فعلا قليلا
- ولم تجب عليه بالاختيار
- ولو قالت ادعوا لي شهودا أشهدهم على اختياري
- أو ادعوا لي أبي أستشيره
- أو كانت قائمة فقعدت
- وإن كانت قاعدة فاتكأت فهي على خيارها
- وإن كانت قاعدة فاضطجعت قولان في المذهب فعن أبي يوسف روايتان إحداهما يبطل والثانية لا يبطل
- وإذا كانت قائمة فركبت؛ يبطل خيارها لأن هذا إعراض
- وإن خيّرها وهي راكبة سيارة
- اذا كانت السيارة واقفة وركبت فيها :-
- يبقى خيارها ما دامت السيارة لم تتحرك اوسارت ولم تطلب من السائق التحرك (هذه من النوازل وتقاس على ركوب الدابة والسفينة وتقييده من العلماء ؛ لأن سير الدابة من فعلها؛ والمراة تقدر على إيقافها) وإن خيرها وهي راكبة في السفينة فسارت لم يسقط خيارها؛ لأن سيرها ليس من فعلها؛ لأنها لا تقدر على إيقافها وحكمها حكم البيت فكل ما أبطل خيارها في البيت أبطله فيها وما لا فلا
- إذا كانت السيارة تسير ثم خيّرها الزوج :
- وكذا إذا خيرها والمركبة تسير فسارت قبل أن تختار بطل خيارها بدون ان تطلب من السائق التوقف
- وإن أوقفتها فهي على خيارها
- .إذا كان الزوج معها في المركبة فهي على خيارها وحكمها كما في حكم البيت اعلاه
- إن ابتدأت في الصلاة بطل خيارها سواء كانت فرضا أو تطوعا
- وإن خيرها وهي في الصلاة
- فأتمتها إن كانت فريضة أو وترا فهي على خيارها
- وإن كانت تطوعا
- إن سلمت على ركعتين فهي على خيارها
- وإن زادت عليهما بطل خيارها؛ لأن ما زاد على ركعتين في التطوع كالدخول في صلاة أخرى
- وإن كانت في سنة الظهر الأولى لم يبطل خيارها بانتقالها إلى الشفع الثاني وكذا سنة الجمعة وعلى هذا الشفعة
- وإن سبحت أو قرأت شيئا يسيرا لم يبطل خيارها وإن طال بطل
- فإن قال لها أمرك بيدك كلما شئت (لا بد من النية في قوله اختاري؛ لأنه كناية)
- فأمرها بيدها في ذلك المجلس وغيره ولها أن تطلق نفسها في كل مجلس واحدة حتى تبين بثلاث لأن كلما تقتضي التكرار إلا أنها لا تطلق نفسها في كل مجلس أكثر من واحدة
- فإن قال لها أمرك بيدك إذا شئت أو متى شئت أو إذا ما شئت فلها في المجلس وغيره أن تختار مرة واحدة لا غير؛ لأن إذا ومتى يفيدان الوقت فكأنه قال لها اختاري أي وقت شئت
- وإن قال لها طلقي نفسك متى شئت فلها أن تطلق نفسها في المجلس وبعده ؛ لأن كلمة متى عامة في الأوقات فصار كما إذا قال في أي وقت شئت ولها المشيئة مرة واحدة؛ لأن إذا ومتى لا تقتضي التكرار فإذا شاءت وجد شرط الطلاق فطلقت ولم يبق لها مشيئة حتى لو استرجعها فشاءت بعد ذلك لم تؤثر مشيئتها
- ولو قال طلقي نفسك كلما شئت كان ذلك لها أبدا حتى يقع ثلاث؛ لأن كلما تقتضي التكرار فكلما شاءت وقع عليها الطلاق فإن عادت إليه بعد زوج سقطت مشيئتها وليس لها أن تطلق نفسها ثلاثا بكلمة واحدة؛ لأنها توجب عموم الانفراد لا عموم الاجتماع فلا تملك الإيقاع جملة وجمعا
- وإن قال لها طلقي نفسك إن شئت فذلك مقصور على المجلس؛ لأن " إن " لا تقتضي الوقت، وكذا إن أحببت أو رضيت أو أردت كله يقتصر على المجلس؛ لأنه علقه بفعل من أفعال القلب فهو مثل الخيار.
- إن قال لها إن كنت تحبيني أو تبغضيني فأنت طالق فقالت أنا أحبك أو أبغضك وقع الطلاق وإن كان في قلبها بخلاف ما أظهرت
- وإن قال إن كنت تحبيني بقلبك فأنت طالق فقالت أنا أحبك وهي كاذبة طلقت عند ابي حنسفة وأبي يوسف ، وقال محمد لا تطلق؛ لأن المحبة إذا علقت بالقلب يراد بها حقيقة الحب ولم يوجد وهما يقيسانه على الأول
خامساً : في مسألة الاختيار من قبل الزوجة :
- إذا قالت اخترت نفسي أو أبي أو أمي أو أهلي أو الأزواج فهذا كله دلالة على الطلاق
- وإن قالت اخترت نفسي لا بل زوجي أو اخترت نفسي وزوجي وقع الطلاق
- وإن قالت اخترت زوجي لا بل نفسي أو اخترت زوجي ونفسي لا يقع شيء وخرج الأمر من يدها
- إن قال طلقي نفسك فقالت أنا أطلق نفسي لا يقع قياسا واستحسانا
- وإن قال لها اختاري فقالت اخترت نفسي أو أبنت نفسي أو حرمت نفسي أو طلقت نفسي كان جوابا ويقع به الطلاق بائنا
- إن قال لها طلقي نفسك فقالت طلقت نفسي أو أبنت نفسي أو حرمت نفسي كان جوابا ويقع به الطلاق رجعيا
- وإن قالت اخترت نفسي لا يكون جوابا
- ولو قال اختاري نفسك ونوى الثلاث فطلقت نفسها ثلاثا أو واحدة فهي واحدة بائنة ولا يكون ثلاثا
- وإن قال لها طلقي نفسك ثلاثا أو نوى الثلاث فطلقت نفسها ثلاثا وقعن وإن طلقت نفسها واحدة فهي واحدة بالاتفاق
- وإن قال لها طلقي نفسك واحدة فطلقت نفسها ثلاثا لا يقع شيء عند أبي حنيفة وعندهما يقع واحدة
- وإن قال لها طلقي نفسك ولا نية له أو نوى واحدة فقالت طلقت نفسي فهي واحدة رجعية؛ لأن المفوض إليها صريح الطلاق
- وإن طلقت نفسها ثلاثا وقد أراد الزوج ذلك وقعن عليها وإن نوى اثنتين لا يصح لأنه جنس حقها
- وإن قال لها طلقي نفسك فقالت أبنت نفسي طلقت وإن قالت اخترت نفسي لم تطلق؛ لأن الإبانة من ألفاظ الطلاق بخلاف الاختيار؛ لأنه ليس من ألفاظ الطلاق
- ولو قالت المرأة ابتداء اخترت نفسي فقال الزوج أجزت لا يقع شيء؛ لأنه إنما عرف طلاقا إذا حصل جوابا للتخيير وقوله طلقي نفسك ليس بتخيير فيلغو وعن أبي حنيفة أنه لا يقع بقولها أبنت نفسي؛ لأنها أتت بغير ما فوض إليها؛ لأن الإبانة تغاير الطلاق
- إذا قال لها أمرك بيدك فإن كانت غائبة إن لم يؤقت فلها الخيار في مجلس علمها وإن وقته بوقت فبلغها العلم مع بقاء شيء من الوقت فلها الخيار في بقية الوقت وإن مضى الوقت قبل أن تعلم ثم علمت فلا خيار لها؛ لأنه خص التفويض بزمان فيبطل بمضيه علمت أو لم تعلم
- وإن قال لها اختاري اختاري اختاري (بالواو أو بالفاء أو بالألف) فقالت اخترت نفسي أو اخترت نفسي مرة أو بمرة أو دفعة أو بدفعة أو واحدة أو بواحدة أو اختياره يقع ثلاثا في قولهم جميعا
- وإن قالت اخترت تطليقة أو بتطليقة تقع واحدة بائنة ولا يحتاج إلى نية الزوج لدلالة التكرار عليه إذ الاختيار في حق الطلاق هو الذي يتكرر
- وإن قالت اخترت الأولى أو الوسطى أو الأخيرة طلقت ثلاثا عند أبي حنيفة عند أبي يسف محمد واحدة
- وإن قالت اخترت اختياره فهي ثلاث إجماعا؛ لأنها للمرة.
- فإن طلقت نفسها ثلاثا وقد أراد الزوج ذلك وقعن عليها ؛ لأن قوله طلقي معناه افعلي فعل الطلاق، وهو اسم جنس فيقع على الأقل مع احتمال الكل فلهذا يعمل فيه بنية الثلاث وينصرف إلى الثلاث عند عدمها
- إذا طلقت نفسها ثلاثا وقال الزوج إنما أردت واحدة لم يقع عليها شيء عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد تقع واحدة.
- صورة التوكيل : وإن قال لرجل طلق امرأتي فله أن يطلقها في المجلس وبعده وللزوج أن يرجع
لأن هذا توكيل واستعانة وليس بتمليك فلا يقتصر على المجلس بخلاف قوله للمرأة طلقي نفسك سواء قال لها إن شئت أو لم يقل فإنه يقتصر على المجلس؛ لأنها عاملة لنفسها فكان تمليكا لا توكيلا
- صورة التفويض : وإن قال لآخر طلقها إن شئت فله أن يطلقها في المجلس خاصة وليس للزوج أن يرجع
والأصل في هذا أن كل ما كان تفويضا فإنه يقتصر على المجلس ولا يملك الزوج النهي عنه
وكل ما كان توكيلا لا يقتصر على المجلس ويملك الزوج الرجوع عنه والنهي عنه
- إذا قال لها طلقي نفسك سواء قال لها إن شئت أو لا فلها أن تطلق نفسها في ذلك المجلس خاصة وليس له أن يعزلها؛ لأنه تفويض،
- وإذا قال لرجل طلق امرأتي وقرنه بالمشيئة فهو كذلك تفويض وإن لم يقرنه بالمشيئة كان توكيلا ولم يقتصر على المجلس ويملك العزل عنه
- وإذا قال لها طلقي نفسك وصاحبتك فلها أن تطلق نفسها في المجلس؛ لأنه تفويض في حقها ولها أن تطلق صاحبتها في المجلس وغيره؛ لأنه توكيل في حق صاحبتها
- وإن قال لرجلين طلقا امرأتي إن شئتما فليس لأحدهما التفرد بالطلاق ما لم يجتمعا عليه
- وإن قال طلقا امرأتي ولم يقرنه بالمشيئة كان توكيلا وكان لأحدهما أن يطلقها
- وإن قال طلقي نفسك ثلاثا فطلقت نفسها واحدة فهي واحدة؛ لأنها ملكت إيقاع الثلاث فتملك إيقاع الواحدة ضرورة
- وإن قال لها طلقي نفسك واحدة فطلقت نفسها ثلاثا لم يقع شيء عند أبي حنيفة؛ لأنها أتت بغير ما فوض إليها فكانت مبتدأة وعندهما يقع واحدة؛ لأنها أتت بما ملكته وزيادة فصار كما إذا طلقها الزوج ألفا
- وإن قال لها طلقي نفسك واحدة أملكُ الرجعة فيها فقالت طلقت نفسي طلقة بائنة وقعت واحدة رجعية؛ لأنها أتت بالأصل وزيادة وصف فيلغو الوصف ويبقى الأصل
- وإن قال طلقي نفسك واحدة بائنة فقالت طلقت نفسي واحدة رجعية وقعت بائنة اعتبارا لأمر الزوج وإن قال طلقي نفسك ثلاثا إن شئت فطلقت واحدة لم يقع شيء؛ لأن معناه إن شئت الثلاث وهي ما شاءت الثلاث فلم يوجد الشرط
- وإن قال طلقي نفسك واحدة إن شئت فطلقت ثلاثا فكذا عند أبي حنيفة لا يقع شيء؛ لأن مشيئة الثلاث ليس مشيئة للواحدة وعندهما يقع واحدة؛ لأن مشيئة الثلاث مشيئة للواحدة.
ثامناً : إذا خيّرها الطلاق ثم مات
- إذا قال لها اختاري فاختارت نفسها فمات وهي في العدة لا ترث؛ لأنها رضيت بإبطال حقها وإنما ذكر البائن؛ لأن الرجعي لا يحرم الميراث في العدة سواء طلقها بسؤالها أو بغير سؤالها؛ لأن الرجعي لا يزيل النكاح
- حتى لو طلقها في صحته طلاقا رجعيا ومات وهي في العدة ورثت منه وانقلبت عدتها إلى عدة الوفاة