عندما تغيب المنهجية وتحضر المذهبية....
يظن البعض ان المذهبية هي التعصب للمذاهب الاربعة فحسب.. بل هو تعصب لمذهب الالباني او ابن عثيمين
من لَوَعات القلب ان تجد من يحاول تمرير احكام كما فهمها على انها الشرع القويم ودونها هو الضلال المبين بحجة انهم مع فقه الدليل..!!
والأشد سوءا ان ترى من يحاورك لديه عقلية تظن ان عبارة قيلت على ألسنة ائمة المذاهب الاربعة :(اذا صح الحديث فهو مذهبي) تعني لديهم اذا صححوا حديثا وجب الاخذ به فورا وترك تقليد المذاهب الاربعة ناسين بفعلهم هذا يدعون الى انتقال من تقليد (ما ذهب اليه) ابوحنيفة-مثلا- الى (ما ذهب اليه) الالباني او ابن عثيمين!! اي تبديل أدوار ليس إلا(!!)
ثم ان هذه الاحاديث التي اطلقوا عليها احكامهم هي التي يفترض ان تكون مذهب الائمة الكبار فقهاء المذاهب الاربعة!!
والحقيقة ان منهج الاستدلال هذا اوغر الصدور على المذاهب وزرعوا في عقلية مقلديهم واتباعهم الجهلة ان المذاهب لا تقوم الا على احاديث ضعيفة !! او منكرة او موضوعة!!
وهذا من عجائبهم فيما يتناقلونه في كتبهم ومجالسهم ..من الحط من قدر المذاهب الاربعة، والتشنيع عليهم ، ومحاولة إسقاطهم بل وعدهم جناية على الشريعة!!
ومن تلك الآفات التي تتجارى بها الأهواء أن كثير من كتب التيار السلفي يسلط الضوء بها على احكام اطلقها الالباني او ابن عثيمين على انها من المسلمات بل يزداد سوءا حالما تجدهم يذكرون اسماء العلماء من وافقهم في حكمهم على احاديث سواء صحة او تضعيفا ويتركون بالمقابل ما يقوله الاخرون من الحفّاط والمحدثين وجهابذةٍ أفنوا عمرهم في علم الحديث وفقهه...
مسألة رفع اليدين في الصلاة انموذجاً
_________________
يقول السلفيون!! :(وأحاديث رفع اليدين لا ندري هل بلغت أبا حنيفة رحمه الله أو لم تبلغه، إلا أنها بلغت أتباعه، ولكنهم لم يعملوا بها، لأنها عارضت عندهم أحاديث وآثاراً أخرى رويت في ترك رفع اليدين فيما سوى تكبيرة الإحرام. منها: حديث عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ....
وهذه الأحاديث ضعفها أئمة الحديث وحفاظه.... حديث ابن مسعود فضعفه عبد الله بن المبارك وأحمد بن حنبل والبخاري والبيهقي والدارقطني وغيرهم. وكذلك الآثار التي رووها عن بعض الصحابة في ترك الرفع كلها ضعيفة)أهـ
رفع اليدين في الصلاة في التكبيرة الاولى فقط وهو مذهب الحنفية والمالكية والاختيار رفعهما إلى المنكبين، خلافا لأبي حنيفة في قوله: إلى الأذنين.(الاشراف للقاضي البغدادي 230/1)
رد الاحناف على هذه الشبهة:
فهل الاحاديث بلغت ابا حنيفة ام لا ؟؟! وهل بلغت اتباعه ام لا ؟؟!
لننظر ونتأمل ....
(1) نقل السرخسي(ت483هـ) في المبسوط (14/1):
- قال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - حدثني حماد عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام، ثم لا يعود»
- إن الأوزاعي لقي أبا حنيفة - رحمهم الله - في المسجد الحرام فقال ما بال أهل العراق لا يرفعون أيديهم عند الركوع وعند رفع الرأس من الركوع، وقد حدثني الزهري عن سالم عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهم -: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه عند الركوع وعند رفع الرأس من الركوع»
- ترجيح ابي حنيفة للحديثين
(1) رجح حديثه بفقه رواته وهو المذهب؛ لأن الترجيح بفقه الرواة لا كما رجح الأوزاعي بعلو الإسناد
(قال أبو حنيفة أما حماد فكان أفقه من الزهري وأما إبراهيم فكان أفقه من سالم ولولا سبق ابن عمر - رضي الله عنه - لقلت بأن علقمة أفقه منه وأما عبد الله فعبدالله)أهـ
(2) لما اختلفت الآثار في فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحاكم الى مرجح خارجي وهو:
- الحديث المشهور: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن عند افتتاح الصلاة، وفي العيدين والقنوت في الوتر» صججه الطحاوي في شرح معاني الآثار - الصفحة أو الرقم: 2/176 - وابن خزيمة في صحيحه(2703)- وجسّنه الهيثمي في " المجمع " ( 3/238 ) وبدرالدين العيني في شرح سنن ابي داوود(299/3) والجصاص في شرح مختصر الطحاوي(602/1) والقدوري
- «مالي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس اُسْكُنُوا فِي لصَّلَاةِ» رواه مسلم
فهذا لفظ عام في حظر الرفع. والصلاة مبناها على السكون وعدم الحركة قال النووي في شرحه على مسلم:غيه الأمر بالسكون في الصلاة
- «كان النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إذا كبر لافتتاح الصلاة رفع يديه حتى يكون إبهاماه قريبا من شحمتي أذنيه ثم لا يعود»
(3) قال سفيان الثوري عن المغيرة: قلت لإبراهيم: حديث وائل بن حجر رضي الله عنه، أنه رأي النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع؟
جواب الاحناف:
فقال ابراهيم: إن كان وائل بن حجر رضي الله عنه رآه مرة يفعل ذلك، فقد رآه عبد الله رضي الله عنه خمسين مرة لا يفعل ذلك.
(4) قال سفيان بن عيينة حدثني يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وفيه: إذا افتتح الصلاة رفع يديه ولم يزد على هذا، ودمت الكوفة ورأيت يزيد ابن أبي زياد يقول فيه: ثم لا يعود، وأظن [أن] الكوفيين لقنوه
جواب الاحناف :
هذا لا يصح؛ لأنه جرح الراوي وحمل أمره بالكذب، بل الواجب أن يحمل على أنه نسي الزيادة ثم تذكرها؛ فقد روى هذا الحديث ابن شجاع فقال: حدثنا المعلى قال: حدثا خالد ويعقوب، عن ابن أبي ليلى عن أخيه [عن أبيه] عن البراء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دخل في الصلاة رفع يديه ثم لا يعود حتى ينصرف من صلاته. فقد وافق يزيد غيره في هذه الزيادة
(5) احتجوا: بما رواه سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: رأيت رسل الله [- صلى الله عليه وسلم -] إذا افتتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذي منكبيه، وإذا أراد أن يركع، وبعد ما يرفع
جواب الاحناف :
هذا منسوخ حيث أخبارنا متأخرة؛ لأن الأصل كان الرفع في كل تكبيرة ثم نسخ ذلك. ولأن ابن عباس بين أن آخر الفعلين منه - عليه السلام - كان ما نقوله.وكذلك الترجيح بالزيادة والإثبات لا يصح؛ لأن التاريخ في خبرنا أولى
أن عاصم بن كليب روى عن أبيه أن عليا - عليه السلام - كان يرفع يديه في أول تكبيرة من الصلاة ثم لا يرفع بعده. وروى مجاهد قال: صليت مع ابن عمر فلم [يكن] يرفع يديه إلا في التكبيرة الأولى. وروى بشر بن حرب قال: سمعت ابن عمر يقول: والله إن رفع الأيدي في الصلاة لبدعة. فلما روي عنهما
ألا ترى أنهما لا يرويان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ويخالفانه إلا أن يعرفا النسخ
(6) حديث أبي حميد الساعدي ففيه أنه: كان يرفع يديه إذا قام من الركعتين.
جواب الاحناف : وهذا متروك بالإجماع
(7) حديث حميد عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه في الركوع:
جواب الاحناف : قال ابن أبي شيبة: هو حديث منكر؛ لأن الجماعة رووه موقوفا على أنس
(8) قال الاحناف : أخبارنا عارضت هذه الأخبار وفيها نهي، والنهي أولى من الفعل؛ ألا ترى: أنه يجب متابعة النهي- وإن خالف فعله - عليه السلام -، كما روي أنه واصل الصوم ونهى عن الوصال.
(9) ولأن في أخبارنا قول، والقول والفعل إذا اجتمعا فالقول أولى.
(10) قد كان - عليه السلام - يقنت مرة قبل الركوع ومرة بعده، فاحتمل أن يكون من روى الرفع قبل الركوع وبعده إنما أراد به رفع اليد للقنوت، ويحتمل أن يكون رفع يده عن مكانها حال الركوع، بمعنى أنها لم تبق قي مكان واحد
(11) قالوا: قال عبد الرزاق: أخذ أهل مكة رفع اليدين عن ابن جريج، وابن جريج عن عطاء، وعطاء عن الزهري وأبي الزبير، وأبو الزبير عن أبي وائل
جواب الاحناف:
روى الأسود قال: صليت خلف عمر فلم يرفع يديه في شيء من الصلاة إلا حين استفتاح الصلاة. قال الشعبي: كان أصحاب علي وعبد الله لا يرفعون أيديهم إلا في التكبيرة الأولى. وحكى ابن مسعود فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر مثل ذلك
(12) قالوا: صلاة ذات ركوع فوجب أن يتكرر رفع اليدين فيها، كصلاة العيد
جواب الاحناف:
صلاة العيد لما زيد في أذكارها جاز أن يزاد في أفعالها، ولما لم يزد في أذكار سائر الصلوات لم يتكرر رفع اليد فيها. ولأن تكبيرة العيد تفعل في حال الاستقرار ولا تقوم مقام غيرها، ولما كانت هذه التكبيرات تفعل في غير حال الاستقرار حلت محل تكبيرات السجود