بسم الله الرحمن الرحيم
وبه استعين
والحمد لله رب العالمين
لا احصي ثناء عليه هو كما اثنى على نقسه
واصلي واسلم وابارك على سيدي رسول الله المعلم الاول والهادي الى الصراط المستقيم وعلى اله الطبيبن الطاهرين واصحابه الغر الميامبن رضي الله عنهم اجمعين وعنا بهم الى يوم الدين
ايها الاخوة الاحبة
اعلموا انه من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين
فالفقه سبب لهذا الخير العميم من الله
قال تعالى وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيرا
قال الامام مالك : الفقه في الدين
واعلموا أن (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ)
(وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ)
هذِهِ المدونة، نهجتُ فيْهَا سبيْلَ الإيْجَاز والإختصَار، ,غايَتي مِن ذلِك توصيل المعلومة للمسلم باقصر الطرق
وألحقتُ بذلك الادلة
والشواهد من الكتاب والسنة المطهرة، وأثر الصحابة رضوان الله عليهم، وذكرتُ ائمة وفقهاء المذاهب الاربعة في منهج الاستدلال لديهم
ا وركزت على مواضع الخلاف بين المذاهب الاربعة وحرصت على منهجيه فيها اظهار الاجماع ....
سائلاً اللهَ عزَّوجل الإعَانَة ، واللطف في الأمر كلِّهِ ، وأنْ يَجعلَ مَا اكتبُهُ خالصَاً لوجههِ الكريْم
....وان يختم لي بالصالحات وحسن المآب معافاً في ديني وسالما في معتقدي
اللهم امين
الشيخ د. زياد حبوب أبو رجائي

ردود ابن جماعة على المجسمة


د. زياد حبوب أبو رجائي
قال ابن جماعة في ايضاح الدليل ص103-
قَوله تَعَالَى {اسْتَوَى} يتعين فِيهِ معنى الِاسْتِيلَاء والقهر لَا الْقعُود والاستقرار
 إِذْ لَو كَانَ وجوده تَعَالَى مكانيا أَو زمانيا للَزِمَ قدم الزَّمَان وَالْمَكَان أَو تقدمهما عَلَيْهِ 
وَكِلَاهُمَا بَاطِل 
فقد صَحَّ فِي الحَدِيث كَانَ الله وَلَا شَيْء مَعَه وللزم حَاجته إِلَى الْمَكَان وَهُوَ تَعَالَى الْغَنِيّ الْمُطلق المستغني عَمَّا سواهُ كَانَ الله وَلَا زمَان
وَلَا مَكَان وَهُوَ الْآن على مَا عَلَيْهِ كَانَ وللزم كَونه محدودا مُقَدرا وكل مَحْدُود ومقدر جسم وكل جسم مركب مُحْتَاج إِلَى أَجْزَائِهِ ويتقدس من لَهُ الْغنى الْمُطلق عَن الْحَاجة وَلِأَن مَكَان الِاسْتِقْرَار لَو قدر حَادث مَخْلُوق فَكيف يحْتَاج إِلَيْهِ من أوجده بعد عَدمه وَهُوَ الْقَدِيم الأزلى قبله
شبهة:
فَإِن قيل إِنَّمَا يُقَال استولى لمن لم يكن مستوليا قبل أَو لمن كَانَ لَهُ مُنَازع فِيمَا استولى عَلَيْهِ أَو عَاجز ثمَّ قدر
الجواب:
قُلْنَا المُرَاد بِهَذَا الِاسْتِيلَاء الْقُدْرَة التَّامَّة الخالية من معَارض وَلَيْسَ لَفْظَة ثمَّ هُنَا لترتيب ذَلِك بل هِيَ من بَاب تَرْتِيب الْأَخْبَار وَعطف بَعْضهَا على بعض

شبهة:
فَإِن قيل فالاستيلاء حَاصِل بِالنِّسْبَةِ إِلَى جَمِيع الْمَخْلُوقَات فَمَا فَائِدَة تَخْصِيصه بالعرش
الجواب:
قُلْنَا خص بِالذكر لِأَنَّهُ أعظم الْمَخْلُوقَات إِجْمَاعًا كَمَا خصّه بقوله {رب الْعَرْش الْعَظِيم} وَهُوَ رب كل شَيْء فَإِذا استولى على الْعَرْش الْمُحِيط بِكُل شَيْء استولى على الْكل قطعا
إِذا ثَبت ذَلِك فَمن جعل الاسْتوَاء فِي حَقه مَا يفهم من صِفَات الْمُحدثين وَقَالَ اسْتَوَى بِذَاتِهِ أَو قَالَ اسْتَوَى حَقِيقَة فقد ابتدع بِهَذِهِ الزِّيَادَة الَّتِي لم تثبت فِي السّنة وَلَا عَن أحد من الْأَئِمَّة المقتدى بهم وَزَاد بعض الْحَنَابِلَة الْمُتَأَخِّرين فَقَالَ الاسْتوَاء مماسة الذَّات وَأَنه على عَرْشه مَا ملأَهُ وَأَنه لَا بُد لذاته من نِهَايَة يعلمهَا وَقَالَ آخر يخْتَص بمَكَان دون مَكَان ومكانه وجود ذَاته على عَرْشه قَالَ وَالْأَشْبَه أَنه مماس للعرش والكرسي مَوضِع قَدَمَيْهِ
وَهَذَا مِنْهُم افتراء عَظِيم تَعَالَى الله عَنهُ وَجَهل بِعلم هَيْئَة الْعَالم فَإِن المماسة توجب الجسمية والقدمين يُوجب التَّشْبِيه وَالْإِمَام أَحْمد بَرِيء من ذَلِك فَإِن الْمَنْقُول عَنهُ أَنه كَانَ لَا يَقُول بالجهة للباري تَعَالَى وَكَانَ يَقُول الاسْتوَاء صفة مسلمة وَهُوَ قَول بعض السّلف رَضِي الله عَنْهُم

شبهة :
فَإِن قيل نفي الْجِهَة عَن الْمَوْجُود يُوجب نَفْيه لِاسْتِحَالَة مَوْجُود فِي غير جِهَة 
الجواب :
الْمَوْجُود قِسْمَانِ مَوْجُود لَا يتَصَرَّف فِيهِ الْوَهم والحس والخيال والانفصال وموجود يتَصَرَّف ذَلِك فِيهِ ويقبله فَالْأول مَمْنُوع لاستحالته والرب لَا يتَصَرَّف فِيهِ ذَلِك إِذْ لَيْسَ بجسم وَلَا عرض وَلَا جَوْهَر فصح وجوده عقلا من غير جِهَة وَلَا حيّز كَمَا دلّ الدَّلِيل الْعقلِيّ فِيهِ فَوَجَبَ تَصْدِيقه عقلا وكما دلّ الدَّلِيل الْعقلِيّ على وجوده مَعَ نفي الجسمية والعرضية مَعَ بعد الْفَهم الْحسي لَهُ فَكَذَلِك دلّ على نفي الْجِهَة والحيز مَعَ بعد فهم الْحس لَهُ
وَقد اتّفق أَكثر الْعُقَلَاء على وُجُوه مَا لَيْسَ فِي حيّز كالمعقول والنفوس والهيولي وعَلى وجود مَا لَا يتصوره الذِّهْن كحقيقة نفس الْحَرَارَة والبرودة فَإِنَّهَا مَوْجُودَة قطعا وَلَا يتَصَوَّر الذِّهْن حَقِيقَتهَا وَلم يقل أحد إِنَّهُم ادعوا مستحيلا أَو مُخَالفا للضَّرُورَة

شبهة :
فَإِن قيل قصَّة الْمِعْرَاج تدل على الْجِهَة والحيز
الجواب:
قُلْنَا قصَّة الْمِعْرَاج أُرِيد بهَا وَالله أعلم أَن يرِيه الله تَعَالَى أَنْوَاع مخلوقاته وعجائب مصنوعاته فِي الْعَالم الْعلوِي والسفلي تكميلا لصفاته وتحقيقا لمشاهداته لآياته وَلذَلِك قَالَ تَعَالَى {لنريه من آيَاتنَا}

شبهة:
فَإِن قيل {إِلَيْهِ يصعد الْكَلم الطّيب} وَهَذَا ظَاهر فِي الْجِهَة وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {تعرج الْمَلَائِكَة وَالروح إِلَيْهِ} وَقَوله {ثمَّ يعرج إِلَيْهِ} 
الجواب:
قُلْنَا لَيْسَ المُرَاد بالغاية هُنَا غَايَة الْمَكَان بل غَايَة انْتِهَاء الْأُمُور إِلَيْهِ كَقَوْلِه تَعَالَى {أَلا إِلَى الله تصير الْأُمُور} وَإِلَيْهِ يرجع الْأَمر كُله وَقَول إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام {إِنِّي ذَاهِب إِلَى رَبِّي سيهدين} {وأنيبوا إِلَى ربكُم وَأَسْلمُوا لَهُ} {تُوبُوا إِلَيْهِ} وَهُوَ كثير
فَالْمُرَاد الِانْتِهَاء إِلَى مَا أعده لِعِبَادِهِ وَالْمَلَائِكَة من الثَّوَاب والكرامة والمنزلة