أوقفني ذات عشاء أحد كبار السن وسألني شرح أهل السنة لقوله تعالى {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}
تحيرت بماذا اجيب هذا عن هذه الاية .. وهل هذا يريد ان يمتحنني؟!
فان اردت ان أوفوض واقول له كما اخبر الله .. فلا افهمته ولا اروى ظمأه لفهم الاية .. وان فوضت الكيف وأثبت المعنى كما يفعل الوهابية فقد خنت امانة اجماع السلف بان التفويض للكيف والمعنى وبهذا سنعود الى المربع الاول فلا اسهمت بتعليمه ولا استفاد هو شيء ...
وفعلا قلت له فورا اجس نبضه : اتركها الى علم الله فمراده من هذه الاية لا احد كائنا من كان يستطيع ان يجزم بما هو في علم الله
فرد عليّ محتدا : اليس الله قال في القران (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ)
قلت: حق؛ بلى قد قال ذلك
قال اذن بيّن لي ما بينه الله في هذه الاية !
وأردت ان أستمر في التسويف بعدم تأويل الاية كما يريد الوهابية ...!! وقلت في قرارة نفسي نثبت اللفظ قراءة دون تفسير معناها اي نثبت اللفظ بلا معنى ونمرُّها كما جاءت .....!!
فلم تفلح معي هذه الحيلة والاسلوب ... لان الرجلَ متعطشٌ لمعنى يفهمه ويدخل عقله زيادة في تدبر القران تلاوة كما هو مأمور بالشرع الكريم بان الله انزل لنا القران تبيانا لكل شيء...
فقلت له : طيب ؛ قل لي ماذا يتبادر الى ذهنك فور قراءة هذه الاية
قال متحمسا : ان الله اقوى منهم وقدرة الله اقوى
قلت سبحان الله !! هو كذلك صحيح
ثم سألته بلهفة الباحث في ايمان العجائز : الم يتبادر الى ذهنك ان لله يد -كما هو منطوق الاية- ؟
قال بسرعة البرق وكأنه يريد ان يتهرب من شيء حرام لا يجوز التطرق له حتى في خياله وتصوره: لا.. لا ثم اعقبها بقوله استغفر الله تعالى ... استغفر الله استغفر الله
كما توقعت باستغفاره هذا ابعد عن خياله وتصوره تجسيما محتملا للرب المعبود !!
فقلت له : حتى لو قلت لك يد ولكن ليست كيد المخلوقات !! { ليس كمثله شيء }؟
قال : لو قلت يد لتخيلت اليد في ذهني .. والله منزه عن كل شي
قلت : اذن ما قلته انت في المعنى المتوخى من الاية صحيح ومن سياق الاية يفهم
مذهب اهل السنة لا نبحث في اليد كلفظة مفردة وإنما نفوض معناها لقائلها..وإنما بحثنا بها مع سياقها لمعرفة المراد من النص
____________________________________________
التفويض هو ان ترجع النصوص المتشابهات الى مراد الله ..
①- والمتشابهات: اي التي يتطرق اليها الاحتمال في عدم تنزيه الله تعالى في دخول الشَبَه بينه وبين مخلوقاته عز وجل سواء بالشكل (تجسيما) او في الخصائص (صفاتا) ...
②- ومراد الله: لا احد من المسلمين كائنا من كان يستطيع ان يجزم ان المعنى الذي اعتقده هو حصرا مراد الله!!
لذلك فان الامور الاعتقادية التي بنيت على المتشابهات هي ظنية تخضع لاجتهادات ولا يجوز تكفير بعضنا بعضا بناء عليها