سئلت ما هو معالم الخلاف بين اهل السنة والشيخ ابن تيمية وابن عبدالوهاب
الجواب : ان المسألة فيها تفصيل كثير ويمكن تلخيصها بما يلي
الحقيقة ان التشويش قائم منهم بسبب منهجهم في تناول النصوص الشرعية استنباطا وفقهها فتجدهم يتخبطون فيها اذ بنوا مذهبهم الاعتباطي!! على ان امتثال الامر النبوي يكون في تلبس الفعل تلبسا تاما ولا ينبغي ان يخرج عنه بخلاف ما هو معتمد عند اهل السنة من ائمة الاجتهاد الاربعة وغيرهم ان التلبس يكون في اصل الفعل وانما التلبس بالفعل هو كمال الاتباع ... لذلك اطلق اهل الفقه امثال ابن حجر والنووي ولصاوي والدردير وابن عابدين و وغيرهم الكثير لفظ البدعة لغويا واتفقوا جمبعا على المسائل التي لم تكن في عهد رسول الله لتوقير هذا العهد وتبجيله على جلالة مقامه في هذا الزمن فهو بلا شك زمن ليس ككل الازمان فالرسول هو الرسول ولا احد يرتفع على مقامه مهما علا شأنه ... ثن ترى كتب الفقه التي قالت عن اي مسألة بدعة انها بدعة حسنة اذا لها اصل من الشرع...
مثال تطبيقي
الوهابية ترى ان الذكر المقيد بعدد مخصوص لا يجوز الزيادة عليه بل ذلك من البدعة لديهم لانهم كما ذكرت انفا يرون التلبس بالفعل بتمامه كما هو الظاهر
اما اهل السنة فيقولون بالتلبس باصل الفعل وهو هنا الذكر اما العدد المذكور فان الالتزام به من كمال الاتباع للنبي ويؤجر عليها كاتباع واقتداء بالرسول الكريم ويؤجر على ما زاد واعتبارها من النوافل.
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : " قوله صلى الله عليه وسلم : ( فِيمَنْ قَالَ فِي يَوْم : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ ، لَهُ الْمُلْك وَلَهُ الْحَمْد وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير مِائَة مَرَّة , لَمْ يَأْتِ أَحَد بِأَفْضَل مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أَحَد عَمِلَ أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ ) هذا فيه دليل على أنه لو قال هذا التهليل أكثر من مائة مرة في اليوم , كان له هذا الأجر المذكور في الحديث على المائة , ويكون له ثواب آخر على الزيادة , وليس هذا من الحدود التي نهى عن اعتدائها ومجاوزة أعدادها ،.... كالزيادة في عدد الطهارة وعدد ركعات الصلاة .
ويحتمل أن يكون المراد : الزيادة من أعمال الخير لا من نفس التهليل ، ويحتمل أن يكون المراد مطلق الزيادة ، سواء كانت من التهليل أو من غيره ، أو منه ومن غيره ، وهذا الاحتمال أظهر والله اعلم "
اهل السنة يرون ان القياس في اصل الفعل جائز اذا كان يعقل المعنى اما بحال عدم عقل المعنى فان الالتزام بالعدد المخصوص فرض ولا يجوز التبديل زيادة ولا نقصانا
وعقل المعنى اي: ان يعرف الحكمة من وراء ذلك .. اما بحال عدم معرفة الحكمة من الفعل المامورين به فانه يتم الالتزام بما ورد في النص واشترطوا لمعرفة الحكم ان تكون مما اخبرنا الله به من الكتاب والسنة اي نص صحيح صريح لا مجال ان يتطرق اليه الاحتمال..
- مثال تطبيقي:
عدد ركعات الصلاة : المعنى لا يعقل اي لا نعرف سبب او حكمة او تعليل لماذا الظهر اربعا وليست ثلاثا او الفجر ثنائيا وليس اربعا لذلك لا يجوز الزيادة على الفعل هذا والتلبس يكون بحقيقة الفعل
اي لا يجوز ان نجعل الظهر خمسا او ثلاثا ...
وكذلك الامر في فرض الصيام برمضان وليس في جمادى الاولى او صفر او محرم .... لا نعرف الحكمة فلم يخبرنا الله بصريح النص من كتاب او سنة وانما فرض علينا الصوم وهذا هو الشرط في معقولية المعنى ان يكون من نص شرعي صحيح وثابت ... اما ما يقوله بعض الفقهاء من الحكمة وراء ذلك كله يقع في جملة التخمين والقياس من نصوص واستنباط كل له رأيه ظنيا غير قطعي كما هو الحال في شرط النص الصحيح عن الشرع...
- مثال اخر
الصلاة بشكل عام : معقول المعنى ومعروف الحكمة منها :
- الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر
- الصلاة راحة نفسية من هموم الدنيا : قال صلى الله عليه وسلم : أرحنا بها يا بلال
- الصلاة كفارةٌ للذنوب، لقوله عليه الصلاة والسلام ( أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟» قالوا: لا يبقى من درنه شيء قال : فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا)
اضافة الى حكم اخرى لا تحضرني الان .. ذكرت في صحيح السنة المطهرة .. لذلك جوّز الشرع اقامة صلاة بهذه الاوصاف وسماها نوافل بل رتب الشرع عليها الاجر والمثوبة وهذا في الخقيقة ما فهمه السلف الصالح فقد روى عن بلال انه التزم في صلاة ركعتين بعد الوضوء ولم يعلمها رسول الله وانما اخبر عنها من خلال الوحي وقد كافأه الله ببيت في الجنة
فقد ثبت بذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين،: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال عند صلاة الفجر: يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دَفَّ نعليك بين يدي في الجنة.؟ قال: ما عملت عملاً أرجى عندي أني لم أتطهر طهوراً في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي
وفي رواية قال: (إني سمعت صوت نعليك أمامي في الجنة، فأي عملك أرجأ؟) قال ما أحدثت إلا توضأت ولا توضأت إلا صليت ركعتين)
وبنى عليها رسول الله صلاة الليل مثنى مثنى واختلفوا في عدد ركعاتها اتفق الفقهاء على أن أقلها ركعتان خفيفتان؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين } .
واختلفوا في أكثرها فقال الحنفية: اقلها اثنان ومنهاها ثماني ركعات.
وقال المالكية : أكثره عشر ركعات أو اثنتا عشرة ركعة، فقد روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة } وروي أنه كان يصلي فيه اثنتي عشرة ركعة ثم يوتر بواحدة .
وقال الشافعية والحنابلة : لا حصر لعدد ركعاته . لخبر: { الصلاة خير موضوع من شاء أقل ومن شاء أكثر }.انتهى.
والله الموفق
د.زياد حبوب أبو رجائي