مذهب الحنابلة لا يثبتون صفة الغضب لله تعالى ...
قال أبو حفص سراج الدين عمر بن علي بن عادل الحنبلي (المتوفى: 775هـ) :
اعلم أنه قد ورد في القرآن ألفاظ دالة على صفات لا يمكن إثباتها في حق الله تعالى، ونحن نعد منها صورا:
فإحداها: الاستهزاء؛ قال تبارك وتعالى: {الله يستهزئ بكم} [البقرة: 15] ثم إن الاستهزاء جهل؛ لقول موسى - عليه الصلاة والسلام - حين قالوا: {أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين} [البقرة: 67] .
وثانيها: المكر قال الله تعالى: {ومكروا ومكر الله} [آل عمران: 54] .
وثالثها: الغضب؛ قال الله تعالى: {غضب الله عليهم} [المجادلة: 14] .
ورابعها: التعجب؛ قال الله تعالى: {بل عجبت ويسخرون} [الصافات: 12] .
فمن قرأ: " عجبت " بضم التاء كان التعجب منسوبا إلى الله - تعالى - والتعجب: عبارة عن حالة تعرض في القلب عند الجهل بسبب الشيء المتعجب منه.
وخامسها: التكبر؛ قال الله تعالى: {العزيز الجبار المتكبر} [الحشر: 23] . وهو صفة ذم.
وسادسها: الحياء؛ قال الله تعالى: {إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا} [البقرة:26 -] والحياء: عبارة عن تغيير يحصل في القلب والوجه عند فعل شيء قبيح.
واعلم أن القانون الصحيح في هذه الألفاظ أن نقول: لكل واحد من هذه الأحوال أمور توجد معها في البداية، وآثار تصدر عنها في النهاية -[أيضا]-.
مثاله: أن الغضب: حالة تحصل في القلب عند غليان دم القلب وسخونة المزاج، والأثر الحاصل منها في النهاية إيصال الضرر إلى المغضوب عليه، فإذا سمعت الغضب في حق الله - تعالى -، فاحمله على نهايات الأعراض، [لا على بدايات الأعراض] ، وقس الباقي عليه.
( تفسير اللباب في علوم الكتاب 154/1)