(وإنه فوق عرشه المجيد بذاته وهو في كل مكان يعلمه).
المجيد: هو من اتصف بصفاتٍ متعددة من صفات الكمال
المجيد: هو من اتصف بصفاتٍ متعددة من صفات الكمال
يريد فوقية معنوية كما يقال: السلطان فوق الوزير والمالك فوق المملوك والشريف فوق الدنيء لا أنها حسية، كالسماء فوق الأرض وما في معناه لانتفاء الجهة في حقه تعالى لما يلزم عليها من النقص والحدوث، والعرش في اللغة: عبارة عما علا وارتفع، ومنه جنات معروشات، والمراد هنا مخلوق عظيم جامع للكائنات، الكرسي والسموات في جنبه كحلقة ملقاة في فلاة هو أجل الموجودات وأعلاها منصباً وأشرفها قدراً سوى بني آدم والملائكة فهو فوق العالم كله في الجلالة والرفعة، لكن رفعته وجلالته إنما هي بجعل من الله له لا بذاته ولا لذاته ولا من ذاته فهو. وإن كان رفيعاً جليلاً فرفعة الحق تعالى وجلالته فوقه؛ لأنه امن ذاته بذاته لذاته، والمجيد يقال: بالخفض على أنه صفة للعرش، وبالرفع صفة لله تعالى، وهو الأظهر وكل صحيح، والتقدير أنه فوق عرشه المجيد الذي هو الرفعة والجلالة وإن كان العرش مجيد فإن مجده بتمجيده تعالى وهو قوله (مجيد بذاته) لا يتوقف على تمجيد غيره.
وقد قال بعض الشيوخ: إنما أحوج الشيخ لهذه العبارة الواهمة دفع ما ادعاه العبيديون في زمانه في شأن رقاده، ورأى أن اعتقاده الجهة مع التعظيم أيسر أمر مما كانوا يعتقدونه
نقل ابن مجاهد في إجماعاته ما هو أعظم منه فقال: وما أجمعوا على إطلاقه أنه تعالى فوق سمواته على عرشه دون أرضه يريد إطلاقاً شرعياً؛ لأنه لم يرد في الشرع أنه في الأرض فلهذا قال: دون أرضه، وهذا مع علمهم بثبوت استحالة الجهة عليه تعالى مع معرفتهم بفصاحة العرب واتساعهم في الاستعارات.
وبالجملة فإخراجه عن ظاهره المحال واجب
وقوله: (وهو في كل مكان بعلمه) يعني: وعلمه محيط بكل مكان
في هذه نفي لما يتوهم في التي قبلها؛ لأن الواحد بالذات لا يتعدد مكانه بل هو تعالى منزه عن المكان وكأنه يقول: هو فوق العرش من حيث الجلالة والعظمة لا من حيث الحلول والاستقرار.
وقالت الكرامية والمشبهة: هو فوق العرش، وهو خروج وضلال.وقالت الكرامية والمشبهة: هو فوق العرش، وهو خروج وضلال.
وقالت النجارية: هو في كل مكان بذاته.
وقالت المعتزلة: هو في كل مكان بالعلم لا بالذات وظاهر كلام الشيخ ينحو إليه، فلذلك قال ابن رشد في ذلك إنما يقال علمه محيط بكل شيء