طبقات الحنابلة الصوفيين
اشتهر عن الحنابلة انهم قوم اجتهدوا في الحديث فحسب ؛ وانهم قوم جفاة قساة القلوب في مسألة التزكية ؛ والحقيقة ان تسلل المجسمة والمتعصبين الى المذهب فاظهروا قسوة وخلق جاتف مع التزكية مع انها احد مطالب الشرع الحكيم لقوله تعالى رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ وقوله تعالى : هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وقوله تعالى : كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ
الا ان هؤلاء المتعصبة المجسمة شانوا المذهب حتى ظن الكثير ان المذهب الحنبلي متشدد في امور هي من صلب الشرع فكيف لا يذكرونها في المذهب حتى وصل السيل الزبى في فتنة امام الحرمين فهرب منهم الى الحرمين وبقي فيها والقشيري حتى وصل بهم الامر بتهديد من هم حنابلة كالامام ابن عقيل الذي كان يدافع عن الحلاج رحمه الله بعد مأساته السياسية التي صلب فيها من قبل العباسيين كونه ممن ناصر ال البيت وبني هاشم في ثوراتهم المتكررة ضد العباسيين بعد أفول الدولة الاموية ولكن لم يكتب لهم النصر والنجاح لامر قد قضاه الله فيهم ...
حتى قال الحافظ ابن الجوزي كلمة ذم فيهم من أجل تصفية المذهب مما الحقوه هؤلاء المجسمة في المذهب من ضرر على صعيد عدم تقبلهم من جماهير التامة الاسلامية مما شجع العوام باتباع المذاهب الثلاثة الاولى وانحصر الحنابلة متشرذمين متفرقين في البلاد بعكس المذاهب الثلاثة الاولى التي انتشرت لموافقتهم عقيدة جمهور اهل السنة (كالمالكية والاحناف والشافعية وفضلاء الحنابلة ومنهم ابن الجوزي فقد شنع عليهم في كتابه دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه وكان معظماً لأبي الوفاء ابن عقيل : صنف ابن الجوزي الكتاب للرد على بعض مشايخ المذهب الحنبلي، كابن حامد، والقاضي أبي يعلى، وابن الزاغوني، اتهمهم فيه بأنهم من فرق المجسمة، والمشبهة، والحشوية، والكرامية، وأنهم خالفوا مذهب الإمام أحمد بن حنبل ونسبوا له ما لا يعتقده وافتروا عليه بما لم يقله، وفسروا القرآن بأقوال باطلة، وأخذوا بظاهر النصوص والألفاظ دون النظر إلى ما يجب ويليق بذات الله وما لا يليق، وأثبتوا كل ما جاء في القرآن والسنة على ظاهره الحرفي من غير تأويل أو تفويض، ونسبوا لله المكان والجهة والتنقل والحركة والجوارح على الحقيقة، وادّعوا أن ذلك مذهب السلف، فنفى أن يكون ذلك مذهب السلف
ولكن في هذه المقالة سنذكر علماء الحنابلة الصوفيين
تنبيها ان الحنابلة لم ينقصوا من علم التزكية وان شانوا المجسمة القدماء والمعاصرين مذهبهم بادعاء انهم ينتسبون اليهم وما هم كذلك
من هؤلاء الاعلام : الامام الجنيد وهو امام الصوفيين ومركز اهتمامهم وكثيرا ما يتمدحون مذهبهم بالجنيد الجنبلي
وسنفرد له ترجمة لاحقا
الان نبرز من بطون الكتب الحنبلية بعض ممن اشتهر بالصوفية من الحنابلة :
- أحمد بن أبي الحواري واسمه ميمون أبو الحسن الدمشقي
حدث عَنْ جماعة منهم الامام احمد وبين وفاته ووفاة البغوي إحدى وسبعون سنة وقال أَحْمَد بْن أبي الحواري قَالَ أَحْمَد بن حنبل متى مولدك قلت: سنة أربع وستين قَالَ: وهي مولدي. عاصر الامام احمد واخذ عنه
قيل إنه رمى بكتبه فِي البحر وقال نِعْمَ الدليلُ كنتِ ( والاشتغال بالدليل بعد الوصول مُحال)
وقيل إنه طلب أَحْمَد بْن أبي الحواري العلم ثلاثين سنة فلما بلغ منه الغاية حمل كتبه كلها فغرقها فِي البحر وقال يا علم لم أفعل هذا تهاونا بك ولا استخفافًا بحقك ولكن كنت أكتب لأهتدي بك إلى ربي فلما اهتديت بك إلى ربي استغنيت عنك
وقال لا دليل عَلَى اللَّه سواه
وإنما العلم يطلب لأدب الخدمة وكان الجنيد يقول أَحْمَد بْن أبي الحواري ريحانة الشام.
طبقات الحنابلة لابي يعلى 78/1
2. يُوسُف بْن عَلِي بْن أَحْمَد بْن البقال البغدادي
الصوفي، عفيف الدين أَبُو الْحَجَّاج، شيخ رباط المرزبانية. كَانَ صالحا عالما، ورعا زاهدا. لَهُ تصانيف فِي السلوك. منها كتاب " سلوك الخواص "
وحكى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: كنت بمصر زمن واقعة بغداد. فبلغني أمرها. فأنكرته بقلبي، وقلت: يا رب كَيْفَ هَذَا وفيهم الأطفال ومن لا ذنب لَهُ؟ فرأيت فِي المنام رجلًا، وَفِي يده كتاب. فأخذته فَإِذَا فِيهِ:
دع الاعتراض فَمَا الأمر لَك .... ولا الحكم فِي حركات الفلك
ولا تسأل اللَّه عَن فعله ... ........... فمن خاض لجة بحر هلك
توفى ليلة الخميس سادس المحرم سنة ثمان وستين وستمائة وصلٌى عَلَيْهِ بجامع الحريم. ودفن بمقبرة الإمام أحمد.
(ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب الحنبلي 102/4)
3. أحمد بْن حسن بْن عَبْد اللَّهِ بن عبد الفني بن عبد الواحد بن علي بْن سرور المقدسي، ثُمَّ الصالحي
قال ابن رجب الحنبلي في ذيل طبقات الحنابلة (380/4) :
الفقيه، قَاضِي القضاة، شهاب الدين أبو العباس ابن الشيخ شرف الدين بْن الحافظ أَبِي موسى بْن الحافظ الكبير أَبِي مُحَمَّد
ولد فِي ثاني عشر صفر سنة ست وخمسين وستمائة بسفح قاسيون. في الشام
وسمح من ابْن عَبْد الدايم وغيره. وتفقه وبرع، ودرس وأفتى
قَالَ البرزالي: كَانَ رجلاَ جيدا من أعيان الحنابلة وفضلائهم. وَكَانَ فقيها، حسن العبارة. وقرأ الْحَدِيث، وَرَوَى لنا عَنِ ابْن عَبْد الدايم.
وتوفي يَوْم الأربعاء تاسع عشرين ربيع الأَوَّل سنة عشر وسبعمائة
4. أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن مَسْعُود بْن عُمَر الواسطي الحزامي
الزاهد القدوة العارف، عماد الدين أَبُو الْعَبَّاس، ابْن شيخ الحزاميين
وَكَانَ أبوه شيخ الطائفة الأحمدية. ونشأ الشيخ عماد الدين بينهم، وألهمه اللَّه من صغره طلب الحق ومحبته، والنفور عَنِ البدع وأهلها، فاجتمع بالفقهاء بواسط كالشيخ عز الدين الفاروتي وغيره. وقرأ شَيْئًا من الفقه عَلَى مذهب الشَّافِعِي. ثُمَّ دَخَلَ بغداد، وصحب بها طوائف من الْفُقَهَاء، وحج واجتمع بمكة بجماعة مِنْهُم. وأقام بالقاهرة مدة ببعض خوانقها، وخالط طوائف الْفُقَهَاء، وَلَمْ يسكن قلبه إِلَى شَيْء من الطوائف المحدثة. واجتمع بالإِسكندرية بالطائفة الشاذلية، فوجد عندهم مَا يطلبه من لوايح المعرفة، والمحبة والسلوك، فأخذ ذَلِكَ عَنْهُم، وانتفع بهم، واقتفى طريقتهم وهديهم.
_ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 381/4)
وألف تآليف كثيرة فِي الطريقة النبوية، والسلوك الآثري والفقر المحمدي؛ وَهِيَ من أنفع كتب الصوفية للمريدين، انتفع بها خلق من متصوفة أهل الْحَدِيث ومتعبديها.
وَكَانَ الشيخ تقي الدين ابْن تيمية يعظمه ويجله، وَيَقُول عَنْهُ: هُوَ جنيد وقته. وكتب إِلَيْهِ كتابا من مصر أوله " إِلَى شيخنا الإِمام العارف القدوة السالك ".
قَالَ البرزالي عَنْهُ فِي معجمه: رجل صَالِح عارف، صاحب نسك وعبادة، وانقطاع وعزوف عَنِ الدنيا. وَلَهُ كَلام متين فِي التصوف الصحيح. وَهُوَ داعية
وَقَالَ الذهبي: كَانَ سيدا عارفا كبير الشأن، منقطعا إِلَى اللَّه تَعَالَى
صنف أجزاء عديدة فِي السلوك والسير إِلَى اللَّه تَعَالَى، وَفِي الرد عَلَى الاتحادية والمبتدعة. وَكَانَ داعية إِلَى السنة، ومذهبه السلف الصالح في الصفات، يُمِزها كَمَا جاءت، وَقَد انتفع بِهِ جَمَاعَة صحبوه، ولا أعلم خلف بدمشق محْي طريقته مثله.
قُلْت: ومن تصانيفه " شرح منازل السائرين " وَلَمْ يتمه، وَلَهُ نظم حسن فِي السلوك.
كتب عَنْهُ الذهبي والبرزالي، وسمع منه جَمَاعَة من شيوخنا وغيرهم، وَكَانَ لَهُ مشاركة جيدة فِي العلوم، وعبارة حسنة قوية، وفهم جيد، وخط حسن فِي غاية الْحَسَن. وَكَانَ معمور الأوقات بالأوراد والعبادات، والتصنيف، والمطالعة، والذكر والفكر، مصروف العناية إِلَى المراقبة والمحبة، والأنس بالله، وقطع الشواغل والعوائق عَنْهُ، حثيث السير إِلَى وادي الفناء بالله، والبقاء بِهِ، كثير اللهج بالأذواق والتجليات، والأنوار القلبية، منزويا عَنِ النَّاس، لا يجتمع إلا بمن يحبه، ويحصل له باجتماعه بِهِ منفعة دينية.
وَلَمْ يزل عَلَى ذَلِكَ إِلَى أَن توفي آخر نهار السبت سادس عشر ربيع الآخر سنة إحدى عشر وسبعمائة. بالمارستان الصغير بدمشق، وصُلِّي عَلَيْهِ من الغد بالجامع. ودفن بسفح قاسيون، قبالة زاوية السيوفي، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ.
(ذيل الطبقات ابن رجب 382/4)
5. عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمود بْن عبيد البعلي
الفقيه الزاهد العارف، زين الدين أَبُو الفرج: ولد سنة خمس وسبعين وستمائة.
وسمع الْحَدِيث. وتفقه عَلَى الشيخ تقي الدين وغيره. وبرع وأفتى. وَكَانَ إماما، عارفا بالفقه وغوامضه، والأصول والحَدِيث، والعربية والتصوف، زاهدا عابدا، ورعا متألها ربانيا. صحب الشيخ عماد الدين الواسطي، وتخرج بِهِ فِي السلوك.
ويذكر لَهُ أحوال وكرامات. ويقال: إنه كَانَ يطلع عَلَى ليلة القدر كُل سنة وَقَدْ نالته مرة محنة بسبب حال حصل لَهُ، اطلع عَلَيْهِ بَعْض أَصْحَابه، فأشاع ذَلِكَ عَنْهُ، وأظهر بِهِ خطة. فعقد لَهُ مجلس بدار السعادة بدمشق سنة ثمان عشرة، حضره القضاة وَالْفُقَهَاء، وأحضروا خطة بأنه: رأى الحق سبحانه وتعالى، وشاهد الملكوت الأعلى، ورأى الفردوس، ورفع إِلَى فَوْقَ العرش، وسمع الْخَطَّاب، وقيل لَهُ: قَدْ وهبتك حال الشيخ عَبْد القادر، وأن اللَّه تَعَالَى أخذ شَيْئًا كالرداء من عَبْد القادر، فوضعه عَلَيْهِ، وأنه سقاه ثلاثة أشربة مختلفة الألوان، وأنه قعد بَيْنَ يدي اللَّه تَعَالَى مَعَ مُحَمَّد وإبراهيم وموسى وعيسى والخضر عَلَيْهِم السَّلام، وقيل لَهُ: هَذَا مكان مَا يجاوزه ولي قط. وقيل لَهُ: إنك تبقى قطبا عشرين سنة.
وذكر أشياء أخر. فاعترف أَنَّهُ خطه. فأنكر ذَلِكَ عَلَيْهِ، فبادر، وجدد إسلامه، وحكم الحاكم بحقن دمه، وأمر بتأديبه. وحبس أياما.
ثُمَّ أخرج ومنع من الفتوى وعقود الأنكحة، ثُمَّ بان لَهُ غلطه، وأن هَذَا لَمْ يكن لَهُ وجود فِي الخارج، وإنما هِيَ أخيلة وشواهد وأنوار قلبية، لا أمور خارجية وشيخه الواسطي مَعَ سائر أئمة الطريق أهل الاستقامة، وصوفية أهل الْحَدِيث يقررون ذَلِكَ، ويحذرون من الغلط فِيهِ
واشتغل بإقراء الْحَدِيث والفقه وأصوله، وانتفع بِهِ جَمَاعَة، وتحْرجوا بِهِ، مِنْهُم: الإِمَام العلامة عز الدين حمزة ابْن شيخ السلامية وغيره.
وسافر مرة إِلَى حماة، واجتمع بقاضيها الشيخ شرف الدين بْن البارزي. وَكَانَ إماما متقنا، ذا قدم راسخ فِي السلوك. فبلغني عَنِ ابْن البارزي: أَنَّهُ كَانَ بَعْد ذَلِكَ يثني عَلَى الشيخ رين الدين ثناء كثيرا، ويذكر أَنَّهُ لَمْ يرَ مثله، هَذَا أَوْ نحوه.
وصنف كتابا فِي الأَحْكَام على أبواب " المقنع " سماه " المطلع "، وشرح قطعة من أول " المقنع " وجمع " زوائد المحرر عَلَى المقنع "، وَلَهُ كَلام فِي التصوف وحدث بشيء من مصنفاته.
اضافة الى لابن القيم وشيخه ابن تيمية وله كتاب في التصوف لم يطبعه الحشوية من ضمن مجموع الفتاوى لابن تيمية ! لانه يدينهم
واسم كتابه هذا : الصوفية والفقراء
وقد اضطر مقدم الكتاب د.محمد جميل غازي : لا شيخ الاسلام
لانه يقرر كثير مما يعتقده الصوفية وكان ابن تيمية يشنع على المتمصوفة وليس على التصوف بشكل عام وكيف لا وهو صوفي بطريقته الخاصة !!
فقال المحقق الوهابي نسبة الى الشيخ ابن عبدالوهاب رحمه الله التي جسم بها وكفر لحوقا بنصوص منتقاة من ابن تيمية ربما تركها ابن تيمية ولكن هؤلاء احيوها رغم ان الذهبي نقل عن ابن تيمية قبل ان يموت انه ترك تكفير المسلمين !!
قال في مقدمته مستغربا ومتعجبا ص 8 :
ما هذا الكلام الذي ينقله ابن تيمية عن الصوفية !!
من أنهم صديقو الامة