{ألا يعلم من خلق} [الملك: 14]
من في محل رفع فاعل وهو الله سبحانه وتعالى
لا في محل نصب مفعول به وهي المخلوقات ويكون الفاعل مستتر تقديره الله
والتقدير ضعيف في عرف النحاة اذ لا يصار اليه ما دامت الجملة بتمامها دون اللجوء للتقدير فيقدم عليها
أي الذي خلق مخلوقه، فيكون المفعول محذوفا للعموم المتناول للعاقل وغيره فيشمل أعمال العباد، هذا قول أهل السنة،
وقالت المعتزلة: من في محل نصب على المفعولية ليعلم، وفاعله ضمير مستتر فيه عائد على الله، والتقدير: ألا يعلم الله من خلق
ومن للعاقل بقرينة مثل تلك وجواب اهل السنة ان من للعاقل على التغليب او التشبيه والا فقد جاءت في لسان العرب تناوبا بين العاقل وغير العاقل وقد منع ابن هشام ذلك كون انها تاتي لله كما في هذا المقال والله لايوصف بالعاقل !! كالمخلوقات
امثلة : ومثال لأجل التشبيه نحو:
أسرب القطا هل من يعير جناحه ... لعلي إلى من قد هويت أطير
وغير ذلك مما هو مبسوط في كتب علم العربية.
مثال للتغليب : كقوله تعالى وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ والانسان لا يمشي على بطنه بل الزواحف وهي غير عاقلة
وكقوله {من يمشي على رجلين} فإنه يعم الإنسان والطائر
وكقولنا وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ جمعت (ما) العاقل مع غير العاقل
فقد تأتي (مَنْ) في محل (ما) و(ما) في محل (مَنْ)
، ومن فساد قول المعتزلة لو سلمنا لهم سيكون الله يعلم عباده دون أفعالهم، والله معارضة باية اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ۖ و كلك آية وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ
وهذا مذهب باطل بشهادة قوله تعالى: {عالم الغيب والشهادة} [الأنعام: 73] وقوله تعالى: {والله بكل شيء عليم - لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض} [سبأ: 282 - 3] وغير ذلك من الآيات الدالة على إحاطة علمه بجميع الأشياء حتى حقيقة ذاته وصفاته، ولا يعارض هذا الإتيان بمن؛ لأنه ليس المراد من كونها لمن يعقل أنها لا تستعمل في غيره مطلقا، لئلا يخالف ما نصوا عليه من استعمالها في غيره،