الملائكة
أشهر من جاءت النصوص بذكر وظائفهم وأسمائهم من الملائكة ممن يتعين على العبد الإيمان بهم والتصديق بمدلولات النصوص في حقهم والله تعالى أعلم
ونؤمن بالأعداد التفصيلية للملائكة مما ثبت في الكتاب أو السنة والإيمان بأوصافهم : فنؤمن إجمالاً أنَّهم مخلوقون من نور ، وأنَّ لهم أجنحة ، كما قال تعالى : {جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ}5 ، وأنَّ لهم أعيناً كما في الحديث الذي أورده المصنف وغير ذلك من الصفات الواردة في الكتاب والسنة ونؤمن بالصفات التفصيلية التي وردت ، ومن ذلك ما رواه ابن مسعود :إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى جبريل له ستمائة جناح .والإيمان بوظائفهم : فنؤمن إجمالاً بأنَّهم جند الله ورسله ، لا يعصون .
1- الملائكة حملة العرش « وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (الحاقة:17) » وحديث : « أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله تعالى من حملة العرش ، ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة سنة » (1)
حملة العرش ثمانية يتجاوبون بصوت حسن رخيم فيقول أربعة منهم : سبحانك وبحمدك على حلمك بعد علمك ويقول أربعة : سبحانك وبحمدك على عفوك بعد قدرتك (2)
2- الملائكة الذين هم حول العرش وهم مع حملة العرش أشرف الملائكة وهم الملائكة المقربون كما قال تعالى : { لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ } [النساء : 172] (3)
3- سكان السماوات السبع - الذين يتعاقبون إلى البيت المعمور(4) -يعْمرونها عِبادة دائمة ليلا ونهارا صباحا ومساء كما قال تعالى : { يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ } [الأنبياء : 20] يدخل في كل يوم منهم البيت المعمور سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه على ما ثبت من حديث مالك بن صعصعة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( « ثم رفع لي البيت المعمور ، فقلت : يا جبريل! ما هذا ؟ قال : هذا البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ، إذا خرجوا منه لم يعودوا فيه آخر ما عليهم » (صحيح البخاري (3207) ، ومسلم (164) واللفظ لمسلم )
4- الملائكة الموكلون بالجنان وإعداد الكرامات لأهلها وتهيئة الضيافة لساكنيها ؛ من ملابس ومآكِل ومشارِب ومصاغٍ ومساكِن وغير ذلك مما لا عين رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر
5- الملائكة الموكلون بالنَّار- أعاذنا اللَّه منها- وهم الزبانية ومقدموهم تسعة عشر وخازنها مالك ، وهو مقدم على الخزنة ، وهم المذكورون في قوله تعالى : { وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ } [المؤمنون : 49 ] ، وقال تعالى : { وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ } [الزخرف : 77] ، وقال تعالى : { عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [التحريم : 6] ، وقال تعالى : { عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ }{ وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً } إلى قوله : { وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ } [المدثر : 20 ، 21]
وقد جاء في السنة ذكر مالك وأنه خازن النار ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم له ، ففي صحيح البخاري من حديث سَمُرَة بن جُنْدُب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « رأيت الليلة رجلين أتياني فقالا : الذي يوقد النار مالك خازن النار ، وأنا جبريل ، وهذا ميكائيل » (صحيح البخاري ب (3236) )
6- الملائكة الموكلون بحفظ بني آدم كما قال تعالى : { لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ } [الرعد : 11]
قال ابن عباس : ملائكةٌ يحفظونه من بين يديه ومن خلفه ، فإذا جاء أمر اللَّه خلوا عنه (5)
7- الملائكة الموكّلون بحفظ أعمال العباد ؛ كما قال تعالى : { إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ }{ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } [ق : 17] ، وقال تعالى : { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ }{ كِرَامًا كَاتِبِينَ } [الانفطار : 10-12] قال مجاهد في تفسير الآية : ملك عن يمينه وآخر عن يساره فأما الذي عن يمينه فيكتب الخير ، وأما الذي عن شماله فيكتب الشر
وروى مالك والبخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - أن رسول اللَّه صَلَّى اللَّه عليْهِ وسَلَّم قال :
« يتعاقبون فيكم ، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ، ثم يعرج إليه الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : تركناهم وهم يصلون ، وأتيناهم وهم يصلون » (6)
وروى الإمام أحمد ومسلم حديث :« ما اجتمع قوم في بيت من بيوتِ اللَّه يتلون كتاب اللَّه ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم اللَّه فيمن عنده ، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه »(7)
وحديث : « إِن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع »(8)
وقد ثبت أيضًا أنهم يبلغون النبي صلى الله عليه وسلم من أمته السلام لما روى أحمد والنسائي بإسناد صحيح عن عبد الله بن مسعود قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن لله عز وجل ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام » (9)
8- الملائكة الموكلون بفتنة القبر وسؤال العباد في قبورهم وهما مُنْكَر ونَكِير وقد دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة أخرج الشيخان من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه ، وإنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان ، فيقعدانه فيقولان : ما كنت تقول في هذا الرجل لمحمد صلى الله عليه وسلم فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله فيقال له : انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدًا من الجنة فيراهما جميعًا » (10)
----------------------------------------------------
(1) صحيح ، المشكاة ( 5728 ) ، الطحاوية ( 249 ) ، ( 298 ) ، الصحيحة ( 151 ) ، (854 ) صحيح الجامع ،
(2) سنده قوي - عن حسان بن عطية - انظر الالباني - مختصر العلو للعلي الغفار)
(3) ولهم تسمية « الكروبيِّون » لا تصح - انظر « سلسلة الأحاديث الضعيفة» (923) للشيخ الألباني : ( إن لله ملائكة و هم الكروبيون ، من شحمة أذن أحدهم إلى ترقوقته مسيرة سبعمائة عام للطائر السريع في انحطاطه
قال الألباني في السلسلة الضعيفة و الموضوعة ( 2 / 323 ) :ضعيف جدا ؛ سنده واه جدا ، و له علتان :
الأولى: محمد بن أبي السري ، و هو متهم و الأخرى : صدقة هذا و هو الدمشقي السمين وهو ضعيف )
(4) انظر « أصول الإيمان » - الإمام محمد بن عبد الوهاب ، تحقيق د باسم فيصل الجوابرة
(5) «الدر المنثور» (4 / 613) للسيوطي
(6)رواه مالك في الموط كتاب قصر الصلاة في السفر (1 / 170) ومن طريقه رواه البخاري كتاب مواقيت الصلاة (2 / 33) ( : 555) ، وكتاب التوحيد (13 / 415) ( : 7429) ، (13 / 461) ( : 7468) ، ومسلم كتاب المساجد (1 / 439) ( : 632) ، ورواه البخاري في بدء الخلق (6 / 306) ( : 3223) ، ورواه مسلم (1 / 429) ( : 632) ، وأحمد (2 / 2 31)
(7) رواه مسلم كتاب الذكر والدعاء (4 / 2074) ( 2699)
(8) صحيح - رواه أحمد في "المسند" (4 / 239) ( 240 ، 241)
(9) المسند : 1 / 452 ، وسنن الترمذي : 3 / 43 ، (1282) ، واللفظ لأحمد
(10) صحيح البخاري (1374) ، ومسلم (2870) ، واللفظ للبخاري