الجزية من جزأت الشيء إذا قسمته ثم سهلت الهمزة وقيل من الجزاء أي لأنها جزاء تركهم ببلاد الإسلام أو من الأجزاء لأنها تكفى من توضع عليه في عصمة دمه.
قال العلماء الحكمة في وضع الجزية أن الذل الذي يلحقهم ويحملهم على الدخول في الإسلام مع ما في مخالطة المسلمين من الاطلاع على محاسن الإسلام
وما جاء في أخذ الجزية من اليهود والنصارى والمجوس والعجم هذه . وعطف العجم على من تقدم ذكره من عطف الخاص على العام وفيه نظر والظاهر أن بينهما خصوصا وعموما وجهيا فأما اليهود والنصارى فهم المراد بأهل الكتاب بالاتفاق.
وقال الشافعي : « تقبل الجزية من أهل الكتاب عربا كانوا أو عجما ويلتحق بهم المجوس في ذلك » واحتج بالآية المذكورة ؛ فإن مفهومها أنها : لا تقبل من غير أهل الكتاب، وقد أخذها النبي صلى الله عليه وسلم من المجوس فدل على الحاقهم بهم واقتصر عليه .
وقال أبو عبيد ثبتت الجزية على اليهود والنصارى بالكتاب وعلى المجوس بالسنة .
واحتج غيره بعموم قوله في حديث بريدة وغيره : « فإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى الإسلام فإن أجابوا وإلا فالجزية »
واحتجوا أيضا بأن أخذها من المجوس يدل على ترك مفهوم الآية فلما انتفى تخصيص أهل الكتاب بذلك دل على أن لا مفهوم لقوله من أهل الكتاب ، وأجيب بأن المجوس كان لهم كتاب ثم رفع ، وروى الشافعي وغيره في ذلك حديثا عن علي وسيأتي في هذا الباب ذكره وتعقب بقوله تعالى : انما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وأجيب بأن المراد مما اطلع عليه القائلون وهم قريش لأنهم لم يشتهر عندهم من جميع الطوائف من له كتاب الا اليهود والنصارى وليس في ذلك نفى بقية الكتب المنزلة كالزبور وصحف إبراهيم وغير ذلك قوله وقال بن عيينة الخ وصله عبد الرزاق عنه به وزاد بعد قوله أهل الشام : « من أهل الكتاب تؤخذ منهم الجزية ...»
قيمة الجزية :
جواز التفاوت في الجزية وأقل الجزية عند الجمهور دينار لكل سنة
الحنفية :
وخصه الحنفية بالفقير وأما المتوسط فعليه ديناران وعلى الغني أربعة وهو موافق لأثر مجاهد كما دل عليه حديث عمر .
الشافعية والحنبلية
وعند الشافعية وبه قال أحمد : « أن للأمام أن يماكس حتى يأخذها منهم » روى أبو عبيد من طريق أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب عن عمر أنه بعث عثمان بن حنيف بوضع الجزية على أهل السواد ثمانية وأربعين وأربعة وعشرين واثني عشر وهذا على حساب الدينار باثني عشر
المالكية :
وعن مالك لا يزاد على الأربعين وينقص منها عمن لا يطيق وهذا محتمل أن يكون جعله على حساب الدينار بعشرة والقدر الذي لا بد منه دينار وفيه حديث مسروق عن معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى اليمن قال خذ من كل حالم دينارا أخرجه أصحاب السنن وصححه الترمذي والحاكم
الجزية على الصبيان والشيوخ والنساء:
واختلف السلف في أخذها من الصبي
فالجمهور : لايجوز ذلك ، على مفهوم حديث معاذ وكذا لا تؤخذ من شيخ فان ولا امرأة ولا مجنون ولا عاجز عن الكسب ولا أجير ولا من أصحاب الصوامع والدير. في أحد الأقوال
والأصح عند الشافعية الوجوب .
الجهات التي يقبل منها الجزية :
الحنفية :
فرق الحنفية فقالوا تؤخذ من مجوس العجم دون مجوس العرب وحكى الطحاوي عنهم تقبل الجزية من أهل الكتاب ومن جميع كفار العجم ولا يقبل من مشركي العرب الا الإسلام أو السيف .
المالكية :
عن مالك تقبل من جميع الكفار إلا من ارتد وبه قال الأوزاعي وفقهاء الشام
آخرون:
حكى بن القاسم عنه لا تقبل من قريش
وحكى بن عبد البر الاتفاق على قبولها من المجوس لكن حكى بن التين عن عبد الملك أنها لا تقبل الا من اليهود والنصارى فقط .
مسائل أخرى :
1-نكاح من هم في حكم اهل الجزية :
نقل أيضا الاتفاق على أنه:« لا يحل نكاح نسائهم ولا أكل ذبائحهم » لكن حكى غيره عن أبي ثور حل ذلك .
2- أكل ذبائحهم
قال بن قدامة :« هذا خلاف إجماع من تقدمه » ، وفيه نظر فقد حكى بن عبد البر، عن سعيد بن المسيب أنه : « لم يكن يرى بذبيحة المجوسي بأسا إذا أمره المسلم بذبحها ».
3- التسري بالمجوسية
وروى بن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب وعن عطاء وطاوس وعمرو بن دينار أنهم : « لم يكونوا يرون بأسا بالتسري بالمجوسية »