قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره :
قوله : { وقد خاب من حمل ظلما } أي يوم القيامة فإن الله سيؤدي كل حق إلى صاحبه حتى يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء وفي الحديث [ يقول الله عز وجل : وعزتي وجلالي لا يجاوزني اليوم ظلم ظالم ] وفي الصحيح [ إياكم والظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة والخيبة كل الخيبة من لقي الله وهو به مشرك فإن الله تعالى يقول : إن الشرك لظلم عظيم ] وقوله : { ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما } لما ذكر الظالمين ووعيدهم ثنى بالمتقين وحكمهم وهو أنهم لا يظلمون ولا يهضمون أي لا يزاد في سيئاتهم ولا ينقص من حسناتهم قاله ابن عباس ومجاهد والضحاك والحسن وقتادة وغير واحد فالظلم الزيادة بأن يحمل عليه ذنب غيره
ذكر في تفسير البيضاوي :
وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما
{ وعنت الوجوه للحي القيوم } ذلت وخضعت له خضوع العناة وهم الأسارى في يد الملك القهار وظاهرها يقتضي العموم ويجوز أن يراد بها وجوه المجرمين فتكون اللام بدل الإضافة ويؤيده { وقد خاب من حمل ظلما } وهو يحتمل الحال والاستئناف لبيان ما لأجله عنت وجوههم.
وعن أبي ذرّ رضي الله عنه عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فيما يرويه عن ربه ) من الأحاديث القدسية ( قال : ) الرب تبارك وتعالى : ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ) وأخبرنا بأنه لا يفعله في كتابه بقوله : { وما ربك بظلاّم للعبيد } ( وجَعَلْته بينكم محرَّماً فلا تظالموا " أخرجه مسلم )
التحريم لغة : المنع عن الشيء وشرعاً : ما يستحق فاعله العقاب وهذا غير صحيح إرادته في حقه تعالى بل المراد به أنه تعالى منزه متقدّس عن الظلم . وأطلق عليه لفظ التحريم لمشابهته الممنوع بجامع عدم الشيء والظلم مستحيل في حقه تعالى لأن الظلم في عرف اللغة التصرف في غير الملك أو مجاوزة الحدّ وكلاهما محال في حقه تعالى لأنه المالك للعالم كله المتصرف بسلطانه في دقه وجله
وقوله : " فلا تظالموا " تأكيد لقوله : " وجعلته بينكم محرّماً " . والظلم قبيح عقلاً أقرّه الشارع وزاده قبحاً وتوعد عليه بالعذاب { وقد خاب من حمل ظلماً } وغيرها
وعن أَبي هريرة رضي الله عنهُ أنَّ رسول اللّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال : " أَتَدْرونَ ما الغِيبَةُ ؟ " قالوا : الله ورسولهُ أَعْلمُ قال : " ذكرُك أخاك بما يكْرهُ " قيلَ : أَفرأَيْت إنْ كان في أَخي ما أقولُ ؟ قال : " إنْ كانَ فيه ما تقولُ فقد اغْتبتهُ وإنْ لم يكن فيه فقد بهتّهُ " أَخرجَهُ مُسْلمٌ
( وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال : " أتدرون ما الغيبةُ ؟ " ) بكسر الغين المعجمة ( قالوا : الله ورسوله أعلم قال : " ذكرُك أَخاكَ بما يكرهُ " قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : " إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لمْ يكُنْ فيه فقدْ بهتّهُ " ) بفتح الموحدة وفتح الهاء من البهتان ( أخرجه مسْلمٌ )