التفويض هو ان ترجع النصوص المتشابهات الى مراد الله ..
①- والمتشابهات اي التي يتطرق اليها الاحتمال في عدم تنزيه الله تعالى في دخول الشَبَه بينه وبين مخلوقاته عز وجل سواء بالشكل (تجسيما) او في الخصائص (صفاتا) ...
②- ومراد الله لا احد من المسلمين كائنا من كان يستطيع ان يجزم ان المعنى الذي اعتقده هو حصرا مراد الله!!
لذلك فان الامور الاعتقادية التي بنيت على المتشابهات هي ظنية تخضع لاجتهادات ولا يجوز تكفير بعضنا بعضا بناء عليها
فمسائل العقيدة ليست كلها من اليقين؛ لأنها حسب تجاذب الأدلة، وهي حسب فهم الإنسان وعلمه. فقد يكون الدليلان متجاذبين عند شخص، ولكن عند شخص آخر متنافران وأن هذا له وجه وهذا له وجه، وإذا رجح أحد الطرفين فإنما يرجحه بغلبة الظن.
ولهذا لا يمكن أن نقول إن جميع مسائل العقيدة مما يتعين فيه الجزم ومما لا خلاف فيه؛ لأن الواقع خلاف ذلك
- وللاسف الشديد ان بعض منتسبي الوهابية يتجرؤون بالجزم بما اعتقدوا على انه الحق المبين وغيره الضلال .. وكل أدبياتهم تتحدث ان المخالف لهم ضالون ... على الرغم من وقوعهم في فهم متشابهات ليس لها حظ من الجزم بانه مراد الله ..وكلها تندرج للاجتهادات وان استندوا على دليل فلا يعدو دليل حسب افهامهم وقد خالفهم في فهمهم اخرون!!
- وللاسف انهم يزيفون الحقائق لاستعطاف واستمالة العوام لما بنوا عليه اعتقادهم باشاعة ان المخالفين هم معطلة للنصوص وهم يعلمون بدواخلهم ان التعطيل ليس هذا ما هيته !! فلا يجرؤ مسلم على انكار لفظ من نص متواتر قطعي الثبوت مثل القران الكريم ، والمتواتر من السنة النبوية (وهو قليل!!) بل هي مجرد افهام استقر عليها مستندهم في الدليل ورجحوه على افهام غيرهم .. فالتأويل ليس تعطيل والا وقعنا في اتهام الصحابة مثل ابن عباس الذي قاموا بتأويل ايات لانها تتصادم مع ايات محكمة (قطعية الدلالة) فـ : (ليس كمثله شيء)
فالتعطيل الذي جرى عليه هذا المصطلح هو انكار السنة وانكار الاحاديث التي تتكلم عن الصفات بالتحديد كما فعل الجهمية والمعتزلة بخلاف ما اثبته الاشاعرة والماتريدية اهل السنة من كل النصوص التي ثبت صحتها بما لا يدعو للشك بها حسب قواعد علم الجرح والتعديل التي اتفقوا عليها بالحد الادنى على الاقل!!
والوهابية الذين ينعتون المخالف بتعطيل النصوص هم ابعد عن فهم السلف بما تعني تعطيل النصوص ..فليس فهم النصوص يقع تحت فهم ثابت والا الزمنا ذلك بتوصيفه بالمحكم !! وما دام ان له احتمالات يتطرق لها وجهات النظر المستندة على دليل سواء ترجيح دليل على اخر او جمع بين الادلة لتفادي تناقضها الظاهر او حمل دليل المخالف على فهم خاص ..هذا كله لا يبني عليه انفراد الفهم للمتشابات ولا يخرجها من المتشابهات الى الحقائق الدامغة !!!
ويكثر اصدقائي المتبعون لفهم الوهابية عند المناقشة بادلتهم ان جميعهم يقولون بقول ابن تيمية ومشايخهم لا يعلمونهم الا هذا .. ويصعب عليك ان تقنعهم ان فهم ابن تيمية ليس هو فهم السلف .. ومثالنا هنا التفويض
فابن تيمية يرى التفويض بالكيف فقط ويثبت المعنى ويقول ان هذا هو تفويض السلف !! ويتبعه المغردون الذين لا طائل لهم لفتح الكتب والاطلاع على اقوال السلف ...!!
وعند ايرادنا لدليل من كتب السلف تراهم يتفاجؤون بان قول ابن تيمية ليس فعلا هو راي السلف قد يكون لبعضهم افرادا لا يشكلون بمجموعهم السلف .. ومثال ذلك ان التفويض لدى السلف ومنهم الامام احمد بلا كيف ولا معنى:
- قال الخلال وأخبرني علي بن عيسى أن حنبلاً حدثه قال سألت أبا عبد الله(احمد بن حنبل) عن الأحاديث التي تروى أن الله تبارك وتعالى ينزل إلى سماء الدنيا وأن الله يرى وأن الله يضع قدمه وما أشبه هذه الأحاديث فقال أبو عبد الله نؤمن بها ونصدق بها ولا كيف ولا معنى...)أهـ (تلبيس الجهمية لابن تيمية (510/6)
- نقل الاصبهاني(336 - 430 هـ) في كتابه (الحُجة في بيان المحجة 1/259)) : (اجتمع الأئمة على أن [ تفسيرها قراءتها]، قالوا: أمروها كما جاءت )أهـ ...اي مجرد التلفظ بها والقيام بفعل القراءة (فقط)... أي: تفويض المعنى و تفويض الكيف
واخيرا انقل عبارة الامام النووي لمن قصد التفويض في الصفات :
قال الإمام النووي في المجموع 1/46 باب أقسام العلم الشرعي ،فرع:اختلفوا في آيات الصفات وأخبارها : هل يخاض فيها بالتأويل , أم لا ؟ فقال قائلون : تتأول على ما يليق بها , وهذا أشهر المذهبين للمتكلمين . وآخرون : لاتتأول بل يمسك عن الكلام في معناها , ويوكل علمها إلى الله تعالى . ويعتقد مع ذلك تنزيه الله تعالى , وانتفاء صفات الحادث عنه .
نسأل الله لهم السلامة من الولوج في تكفير المسلمين لمجرد اختلاف في فهم نص يتطرق له الاحتمال ...