بسم الله الرحمن الرحيم
وبه استعين
والحمد لله رب العالمين
لا احصي ثناء عليه هو كما اثنى على نقسه
واصلي واسلم وابارك على سيدي رسول الله المعلم الاول والهادي الى الصراط المستقيم وعلى اله الطبيبن الطاهرين واصحابه الغر الميامبن رضي الله عنهم اجمعين وعنا بهم الى يوم الدين
ايها الاخوة الاحبة
اعلموا انه من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين
فالفقه سبب لهذا الخير العميم من الله
قال تعالى وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيرا
قال الامام مالك : الفقه في الدين
واعلموا أن (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ)
(وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ)
هذِهِ المدونة، نهجتُ فيْهَا سبيْلَ الإيْجَاز والإختصَار، ,غايَتي مِن ذلِك توصيل المعلومة للمسلم باقصر الطرق
وألحقتُ بذلك الادلة
والشواهد من الكتاب والسنة المطهرة، وأثر الصحابة رضوان الله عليهم، وذكرتُ ائمة وفقهاء المذاهب الاربعة في منهج الاستدلال لديهم
ا وركزت على مواضع الخلاف بين المذاهب الاربعة وحرصت على منهجيه فيها اظهار الاجماع ....
سائلاً اللهَ عزَّوجل الإعَانَة ، واللطف في الأمر كلِّهِ ، وأنْ يَجعلَ مَا اكتبُهُ خالصَاً لوجههِ الكريْم
....وان يختم لي بالصالحات وحسن المآب معافاً في ديني وسالما في معتقدي
اللهم امين
الشيخ د. زياد حبوب أبو رجائي

الكسب عند الاشاعرة مذهب الحنابلة واهل البيت

[ فعل العباد كسب]

فَإِنْ قِيلَ: فإِذَا كَانَ اللَّهُ تعَالَى خَالقُ الفِعْلَ فَكَيْفَ يعَاقبُ علَى شَيْءٍ خَلَقَهُ؟
قُلنَا: كَمَا يُعَاقِبُ خَلْقًا خَلَقَهُ فَلَيْسَتْ عُقُوبَتُهُ علَى مَا خَلَقَ بِأَبْعَدَ مِنْ عقوبتِه مِنْ خَلَقَ، يَفْعَلُ مَا يشَاءُ، ويُحْكِمُ مَا يُرِيدُ، لاَ يَسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ، وهُمْ يُسأَلُونَ، لَكِنَّ مِنَ العبدِ كَسْبٌ عَلَيْهِ يُثَابُ وعَلَيْهِ يُعَاقَبُ، 
قَالَ اللَّهُ تعَالَى {ومَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} فَأَثْبَتَ لَهُ الرَّمْيَ، ونَفَاهُ عَنْهُ بِاعْتِبَارَيْنِ

1.فإِذَا نَسَبَ الْفِعْلَ إِلَى القدرةِ القديمةِ سُمِّيَ خَلْقًا، وَالقَادِرُ خَالِقًا، 
2. وإِذَا نَسَبَ إِلَى القدرةِ الحَادثةِ سُمِّيَ كَسْبًا، ولاَ بُدَّ مِنَ القَوْلِ بِالكَسْبِ تصحيحًا لِلتَّكْلِيفِ وَالثوَابُ وَالعِقَابُ؛ لامتنَاعِ الجَمْعِ بَيْنَ اعتقَادِ الْجَبْرِ المَحْضِ وَالتكليفِ
وحَاصِلُهُ أَنَّ الأَفعَالَ تُنْسَبُ لِلْخَلْقِ شَرْعًا؛ لإِقَامةِ الحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، ولاَ فَاعلَ فِي الحقيقةِ إِلَّا اللَّهُ، فَمُرَاعَاةُ الظَّاهِرِ شريعةٌ، ومرَاعَاةُ البَاطِنِ حقيقيةٌ، وفِي هذَا المذهبِ جَمْعٌ بَيْنَهُمَا؛ ولِهذَا حُكِيَ عَنْ عَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ قَالَ: الْقَدَرُ سِرُّ اللَّهِ فِي الأَرْضِ، لاَ جَبْرٌ ولاَ تفويضٌ، وتَعَجَّبَ كثيرٌ مِنْ هذَا التَّوَسُّطِ، وقَالُوا: لاَ نَعْقِلُ فَرْقًا بَيْنَ الفعلِ الذي نَفَاهُ [ الأَشعريُّ ] عَنِ العبدِ وَالكسبِ الذي أَثْبَتَهُ لَهُ، بَلْ هو كَقَوْلِ الْجَبْرِيَّةِ: إِنَّ العبدَ لاَ قدرةَ لَهُ ولاَ فِعْلَ ولاَ كَسْبَ
ولم يَنْفَرِدِ [ الأَشعريُّ ] بِذَلِكَ بَلْ سَبَقَهُ إِلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُم.
1.عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا بْنُ جَعْفَرٍ الصَّادِقُ، وَقَدْ سُئِلَ: أَيُكَلِّفُ اللَّهُ العِبَادَ مَا لاَ يَطِيقُونَ؟
فقَالَ: هو أَعْدَلُ مِنْ ذلكَ.
قِيلَ: أَفَيَسْتَطِيعُونَ أَنْ يفعلوا مَا يريدون؟
قَالَ: هم أَعجزُ مِنْ ذلك.
2. وحكَى القَاضِي أَبُو يَعْلَى عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: إِن لِلعبدِ كَسْبًا
وَقَدْ دَلَّ القرآنُ علَى ذَلِكَ؛ 
1.فَإِنَّه تعَالَى نَسَبَ الفِعْلَ إِلَى نَفْسِهِ فَقَالَ: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ومَا تَعْمَلُونَ} ونَسَبَ الْكَسْبَ لِلْعَبْدِ؛ فَقَالَ تعَالَى: {جَزَاءٌ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} وقَالَ: {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيدِيكُمْ} 
وَالكَسْبُ لَيْسَ إِبرَازًا مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الوُجُودِ بَلْ نِسْبَةٌ يَعْلَمُهَا الْعَبْدُ بَيْنَ قُدْرَتِهِ ومقدورِهِ فِي مَحَلِّهِ ضرورةً؛ فَكُلُّ أَحَدٍ يُفَرِّقُ بَيْنَ حركةِ المُرْتَعِشِ وحركةِ المُخْتَارِ، فَتِلْكَ مُجْرَدُ فِعْلٍ مِنَ اللَّهِ تعَالَى لاَ كَسْبَ لِلعبدِ فِيهَا، وهذه منسوبةٌ إِلَيْهِ، وخُصَّتْ بِاسْمِ الْكَسْبِ فَاللَّهُ تعَالَى خَالِقُ أَفعَالِ العِبَادِ، وهي مُكْتَسَبَةٌ لَهُمْ، وحُجَّةُ اللَّهِ تعَالَى قَائمةٌ عليهم، فَلاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ، ولاَ مَطْمَعَ فِي الوصولِ إِلَى كَشْفِ ذَلِكَ خَاليًا عَنِ الإِشكَالِ، وَالأُمُورُ إِذَا تعَارَضَتْ صِرْنَا إِلَى أَقْرَبِ احتمَالٍ، وَاللَّهُ المُوَفِّقُ، وإِليه المَرْجِعُ.

انظرر شرح ابي زرعة على جمع الجوامع
الغيث الهامع
ولي الدين ابو زرعة العراقي