سجود التلاوة وشيء من فقهها المقارن
المتن على المذهب المالكي والتعليقات على المذاهب الثلاثة الأخرى (الأحناف والشافعية والحنابلة)
استهلال :
ثبت السجدة بالإجماع وبالأحاديث الصحيحة، منها خبر ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ علينا القرآن، فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا معه» . رواه أبو داود والحاكم ومنها ما رواه مسلم عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - مرفوعا «إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويلتا أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار» ومنها ما في الصحيحين عن ابن مسعود «أنه - صلى الله عليه وسلم - قرأ {والنجم} [النجم: 1] فسجد وسجد معه الجن والإنس إلا أمية بن خلف فقتل يوم بدر مشركا» وإنما لم تجب، «لأن زيد بن ثابت قرأ على النبي - صلى الله عليه وسلم - {والنجم} [النجم: 1] فلم يسجد» . رواه الشيخان؛ ولقول ابن عمر «أمرنا بالسجود: يعني للتلاوة فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه» رواه البخاري. فإن قيل: قد ذم الله تعالى من لم يسجد بقوله تعالى: {وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون} [الانشقاق: 21] .
أجيب بأن الآية في الكفار
- يسن على الراجح وعليه الأكثر (قول انها فضيلة فيندب (لقارئ ومستمع) وهو ضعيف وهو قول الباجي
- وحكمها سنة عند الجمهور وانفرد الاحناف بالوجوب لذلك عندهم تقضى لمن فاتته مطلقا على التراخي
- بخلاف اصحابنا من المالكية فتقضى عندنا لمن أفسد السجود بكلام ونحوه من مفسدات النوافل كمن افطر عامدا في نفل فيلزمه القضاء على منوال هذه القاعدة..
- اما السامع فلا يلزه السجود عند الجمهور واجازه الشافعية يسن سجود التلاوة للقارئ والمستمع والسامع عند قراءة آية سجدة
ولا يجب؛ لما روى زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: «قَرَأْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَالنَّجْمِ) فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا» [البخاري 1073، ومسلم 577]، وقال عمر رضي الله عنه: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ، فَمَنْ سَجَدَ، فَقَدْ أَصَابَ وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ، فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ» [البخاري 1077].
- المستمع أي قاصد السماع منه، لا مجرد سماع ذكرا كان أو أنثى
- القاريء مطلقا سواء صلح للإمامة أم لا، جلس ليسمع الناس حسن قراءته أم ل وصلاحه للامامة يقصد بها من عجز عن القيام او من صلى جالسا فلا يصلح للامامة في وجود أصحاء سالمين معافين من المامومين ويصح أن يكون إماما بمثله. عند أصحابنا المالكية بخلاف الشافعية والحنابلة الذين يجوز عندهم امامته جالسا(1)
- أن يجلس أي المستمع ليتعلم من القارئ مخارج الحروف، أو حفظه، أو طرقه، لا لمجرد ثواب أو مدارسة - فلا
- إذا كان القارئ غير متوضئ؛ فإن المذهب: لا يسجد المستمع لان سجود المستمع تبعا للقاريء فإن سجد سجد وإن لم يسجد فلا .
- السامع لا يسن له السجود ووافقنا به الحنابلة فلا يسنُّ للسامِعِ وهو الذي لا يقصِدُ الاستماع.
- أن يصلح القارئ للإمامة - وخالف الشافعية هذا الشرط فقالوا بالجواز مطلقا ولو كان القارئ صبيا مميزا أو امرأة والمستمع رجلا
- الاحناف هذا الشرط فاطلقوا القاريء سواء كان التالي كافرا أو حائضا أو نفساء أو جنبا أو محدثا أو صبيا عاقلا أو امرأة أو سكران؛ لأن النص لم يفصل، ومن لا يجب عليه الصلاة ولا قضاؤها لا يجب عليه سجود التلاوة كالحائض والنفساء لأنها من أجزاء الصلاة.
- أن لا يجلس القارئ ليسمع الناس حسن قراءته، فإن جلس لذلك فلا يسجد المستمع له، وإن كان يسجد
- بأن يكون ذكرا محققا بالغا عاقلا، وإلا فلا سجود على المستمع بل على القارئ وحده
- بشرط أي مع حصول شروط (الصلاة) :
- من طهارة حدث وخبث
- وستر عورة
- واستقبال القبلة في كل منهما.
- فإن كان القارئ هو المحصل لها وحده سجد دون المستمع.
- وإن كان المحصل لها هو المستمع وحده لم يسجد لأن سجوده تابع لسجود القارئ. ولا سجود عليه لفقد شروط الصلاة وهذا ظاهر في الطهارة. وأما الستر والاستقبال، فإن لم يمكنا فكذلك وإن أمكنا فإنه يطلب بها ويسجد، بأن يستقبل إن كان متوجها لغير القبلة ويستر عورته إن كان عنده ساتر.
سجدة واحدة:
- (بلا تكبير إحرام) : بل يكبر في الهوي له والرفع منه استنانا.
- بلا (سلام) منه.
- في غير صلاة؛ ينحط القائم لها من قيامه
- ولا يجلس ليأتي بها من جلوس.
- وينزل لها الراكب - إلا إذا كان مسافرا فيسجدها صوب سفره بالإيماء - لأنها نافلة. فلا يسجدها على الدابة
- (في أحد عشر موضعا) من القرآن ليس في المفصل منها شيء على المشهور لعمل أهل المدينة من ترك السجود في هذه المواضع الأربعة وعند الشافعية وهو في أربع عشرة آية ثلاث منها في المفصل وكذا عند الحنابلة والأحناف(1)
- لو أضاف إليها أخرى فالظاهر عدم البطلان؛ إذ لا يتوقف الخروج منها على سلام
- يجوز للمستمع رفع رأسه فبل القاريء بخلاف الأحناف يكره للسامع إذا سجد أن يرفع رأسه قبل التالي
- ومن كرر آية سجدة في مكان واحد تكفيه سجدة واحدة
مكروهات سجود التلاوة
- يسجد لها
- وقت الجواز : بعد الصبح والعصر قبل إسفار واصفرار
- (تركها) أي السجدة، (وإلا) يكن محصلا للشروط أو كان الوقت ليس وقت جواز (ترك الآية) التي فيها السجود برمتها على التحقيق لا المحل فقط وتمنع عند خطبة الجمعة وعند طلوع الشمس وعند غروبها
- (فإن قرأها بفرض) عمدا أو سهوا (سجد) لها (ولو بوقت نهي
- لا) إن قرأها في (خطبة) فلا يسجد لها لاختلال نظامها
- كره (الاقتصار على) قراءة (الآية للسجود) أي لأجله وهذا قول الشافعية كذلك قرأها "في الصلاة بقصد السجود فقط فلا يسجد" لعدم مشروعيتها
- كره لمصل (تعمدها) : أي السجدة، بأن يقرأ ما فيه آيتها
- (ومجاوزها) في القراءة (بكآية) أو آيتين حتى يسجد!
انفردات المذاهب في بعض فقهها:
عند الحنابلة هي سنة مؤكدة (ويسلِّم) تسليمةً واحدةً عن يمينه. فتبطلُ بتركِها عمداً وسهواً. وسجودُه لها والتسليمُ رُكنان
ولا يسجد رجلٌ) مستمعٌ (لتلاوة امرأةٍ و) تلاوة (خنثى، ويسجد) مستمعٌ من (رجلٍ وخنثى وأنثى لتلاوة) رجلٍ
عند الشافعية ولا يجوز لمن ذكر إلا عند آخر الآية
تكبيرة الاحرام عندهم ركن (وتحرم فيها) وتبطلها (على الأصح) لمن علم ذلك وتعمده. أما الجاهل أو الناسي فلا تبطل صلاته لعذره، لكن يسجد للسهو والقول الثاني الصحيح : والثاني لا تحرم فيها ولا تبطلها لتعلقها بالتلاوة
عند الاحناف : وإن سمعها من ليس في الصلاة سجدها، وإن سمعها المصلي ممن ليس معه في الصلاة سجدها بعد الصلاة
----------------------------------------
(1) . والأصل فيها خبر عمرو بن العاص «أقرأني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمس عشرة سجدة في القرآن: منها ثلاث في المفصل وفي الحج سجدتان» رواه أبو داود والحاكم بإسناد حسن، والسجدة الباقية منه سجدة (ص) ، وسيأتي حكمها، وأسقط القديم سجدات المفصل لخبر ابن عباس - رضي الله عنهما - «لم يسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - في شيء من المفصل منذ تحول للمدينة» رواه أبو داود. .
وأجيب من جهة الجديد بأن هذا الحديث ضعيف وناف، وغيره صحيح ومثبت، وأيضا الترك إنما ينافي الوجوب دون الندب