أفعاله لا تعلل بالـمصالح والأغراض وله بحكم التصرف في ملكه أن يفعل في مخلوقاته ما شاء فإن من تصرف في ملك نفسه لا يقال له لـم فعلت
وكما أن ذاته غير معللة بشيء فكذلك صفاته وأفعاله، وإنه غير محتاج إلى الأسباب والوسائط والأغراض والـمقاصد.
فكل ما يفعله فهو حسن مشتمل على الغايات الصحيحة
1. لـمظنة ورود النقص في صفات الله بوجوب الفعل عليه
له أن يفعل ما يشاء
{وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ۚ } أي ليس يتعقب حكمه أحد بنقص ولا تغيير
قال الطبري : والله هو الذي يحكم فيَنْفُذُ حكمُه, ويَقْضي فيَمْضِي قضاؤه
لأن الـمعقب في القاموس : عَقَّبٌ عَلَيْهِ : أَيْ كَلاَمُهُ كَانَ مَحَلَّ انْتِقَادٍ أَوْ إِضَافَةٍ ناشيء عن نقص.
2. لمظنة انها تنافي علـم الله في ما هو اصلح للعباد ، فالله أعلـم من العباد بمصالحهم وشؤونهم فلا يمكن القول بالحكمة في افعاله
3. لمظنة ان الحكمة تتعلق بالترجيح والترجيح يقع بين حكمين متعارضين وافعال الله كلها حسنة وعدم تقبلها من العباد لا يقدح في حسنها والترجيح يأتي عادة بعد عجز عن الجمع بين حكمين فكيف إذا علمنا انه محال على الله ان يصدر حكمين متعارضين
أو حكمين ناسخ ومنسوخ لانه يقدح بالارادة الازلية من وجه التبديل ! لان
أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ، فكان وجودا فلا مبدّل له لقوله تعالى : ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ. وقوله تعالى لا مُبَدِّلَ لِكَلـماتِهِ
ونعلقها بالترجيح كونها نوع مخصوص من علـم الله تعالى تتعلق بالـمنافع الخفية والـمصالح الراجحة وهذا محال في حق الله فالرجحان يقدح في قضائه
ولا تجوز عليه لأنها مقصورة على جر الـمنافع ودفع الـمضار
4. لو كان تعالى فاعلا للعالـم لعلة أوجبته لـم تخل تلك العلة من أن تكون قديمة أو محدثة
1. فإن كانت قديمة وجب قدم العالـم لقدم علته
2. وإن كانت تلك العلة محدثة فلا يخلو محدثها أن يكون أحدثها لعلة أو لا لعلة
1. فإن كانت محدثة لعلة وعلتها أيضا محدثة وجب أن تكون علة العلة محدثة لعلة أخرى وكذلك أبدا إلى غير غاية وذلك يحيل وجود العالـم جملة لتعلقه بما يستحيل فعله وخروجه إلى الوجود
2. وإن كانت العلة والخاطر والداعي والباعث والـمحرك محدثة لا لعلة وكانت بالوجود لـما وجدت من فاعلها أولى منها بالعدم لا لعلة
فالذي يظهر مما ذكر انه يقدح في كون الله غنيا من جهة
لذلك هو يقدح في قاعدة الكمال المطلق لله تعالى فمحال على أفعاله كلها ان تكون أرجح من أضدادها
ويجوز في الاقوال فترجيح الصدق واجب فيمتنع الكذب عليها لقوله تعالى {وَتَمَّتْ كَلـمةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا} والكذب صفة نقص
4. كون استحقاق الـمدح له قديم؟ وما يثبت للشيء لذاته يستحيل أن يتبدل لأجل تبدل الصفات. فلا يُيتصور في حقه الذم
5 دليل الاية {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }
1. العبادة هي الـمعرفة والإخلاص كما جاء في أثر ابن عباس
2. اللام للعاقبة وليس للتعليل لان التي تكثر بعد ذكر فعل من افعال الله هي استتباع للغاية والفائدة الـمرجوة من هذا الفعل
3. استتباع الغاية لا يوجب كون الفعل معللا بمعنى لها ثمرات وحكم نزلت منزلة العلل ، فلا ينافي الكمال الذاتي
4. وقد تتخلف الغاية لـمانع كعدم قابلية ومثاله {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً } فهناك حيوانات غير قابلة للركوب فضلا على ان يكون زينة !!
